کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
88- يج، الخرائج و الجرائح رُوِيَ أَنَّهُ ص لَمَّا تَلَا وَ النَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى 5717 قَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ 5718 كَفَرْتُ بِرَبِّ النَّجْمِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ص سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكَ كَلْباً مِنْ كِلَابِهِ يَعْنِي أَسَداً فَخَرَجَ مَعَ أَصْحَابِهِ 5719 إِلَى الشَّامِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِهَا رَأَى أَسَداً فَجَعَلَتْ فَرَائِصُهُ تُرْعَدُ 5720 فَقِيلَ لَهُ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تُرْعَدُ وَ مَا نَحْنُ وَ أَنْتَ إِلَّا سَوَاءٌ فَقَالَ إِنَّ مُحَمَّداً دَعَا عَلَيَّ لَا وَ اللَّهِ مَا أَظَلَّتْ هَذِهِ السَّمَاءُ ذَا لَهْجَةٍ 5721 أَصْدَقَ مِنْ مُحَمَّدٍ ثُمَّ وَضَعُوا الْعَشَاءَ فَلَمْ يُدْخِلْ يَدَهُ فِي فِيهِ ثُمَّ جَاءَ الْقَوْمُ فَحَاطُوهُ بِأَنْفُسِهِمْ وَ بِمَتَاعِهِمْ وَ وَسَّطُوهُ بَيْنَهُمْ وَ نَامُوا جَمِيعاً حَوْلَهُ فَجَاءَهُمُ الْأَسَدُ فَهَمَسَ يَسْتَنْشِقُ رَجُلًا رَجُلًا حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ فَضَغَمَهُ ضَغْمَةً كَانَتْ إِيَّاهَا وَ قَالَ بِآخِرِ رَمَقٍ أَ لَمْ أَقُلْ إِنَّ مُحَمَّداً أَصْدَقُ النَّاسِ وَ مَاتَ 5722 .
بيان: الهمس الصوت الخفي و أخفى ما يكون من صوت القدم و الضغم العض كانت إياها أي موتته و قاطعة حياته.
89- وَ أَقُولُ قَالَ فِي الْمُنْتَقَى، فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ مِنْ نُبُوَّتِهِ ص تُوُفِّيَتْ سُمَيَّةُ بِنْتُ حباط مَوْلَاةُ أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَ هِيَ أُمُّ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَسْلَمَتْ بِمَكَّةَ قَدِيماً وَ كَانَتْ مِمَّنْ تُعَذَّبُ فِي اللَّهِ لِتَرْجِعَ عَنْ دِينِهَا فَلَمْ تَفْعَلْ فَمَرَّ بِهَا أَبُو جَهْلٍ فَطَعَنَهَا فِي قَلْبِهَا 5723 فَمَاتَتْ وَ كَانَتْ عَجُوزاً كَبِيرَةً فَهِيَ أَوَّلُ شَهِيدَةٍ فِي الْإِسْلَامِ وَ فِي سَنَةِ سِتٍّ أَسْلَمَ حَمْزَةُ وَ عُمَرُ وَ قَدْ قِيلَ أَسْلَمَا فِي سَنَةِ خَمْسٍ قَالَ وَ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَى الصَّفَا وَ نَادَى فِي أَيَّامِ الْمَوْسِمِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَرَمَقَهُ النَّاسُ بِأَبْصَارِهِمْ قَالَهَا ثَلَاثاً ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ فِي أُذُنِهِ ثُمَّ نَادَى ثَلَاثاً بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا
أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ ثَلَاثاً فَرَمَقَهُ النَّاسُ بِأَبْصَارِهِمْ وَ رَمَاهُ أَبُو جَهْلٍ قَبَّحَهُ اللَّهُ بِحَجَرٍ فَشَجَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَ تَبِعَهُ الْمُشْرِكُونَ بِالْحِجَارَةِ فَهَرَبَ حَتَّى أَتَى الْجَبَلَ فَاسْتَنَدَ إِلَى مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ الْمُتَّكَأُ وَ جَاءَ الْمُشْرِكُونَ فِي طَلَبِهِ وَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع وَ قَالَ يَا عَلِيُّ قَدْ قُتِلَ مُحَمَّدٌ فَانْطَلَقَ إِلَى مَنْزِلِ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَدَقَّ الْبَابَ فَقَالَتْ خَدِيجَةُ مَنْ هَذَا قَالَ أَنَا عَلِيٌّ قَالَتْ يَا عَلِيُّ مَا فَعَلَ مُحَمَّدٌ قَالَ لَا أَدْرِي إِلَّا أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَدْ رَمَوْهُ بِالْحِجَارَةِ وَ مَا أَدْرِي أَ حَيٌّ هُوَ أَمْ مَيِّتٌ فَأَعْطِينِي شَيْئاً فِيهِ مَاءٌ وَ خُذِي مَعَكِ شَيْئاً مِنْ هَيْسٍ 5724 وَ انْطَلِقِي بِنَا نَلْتَمِسُ رَسُولَ اللَّهِ ص فَإِنَّا نَجِدُهُ جَائِعاً عَطْشَاناً فَمَضَى حَتَّى جَازَ الْجَبَلَ وَ خَدِيجَةُ مَعَهُ فَقَالَ عَلِيٌّ يَا خَدِيجَةُ اسْتَبْطِنِي 5725 الْوَادِيَ حَتَّى أَسْتَظْهِرَهُ فَجَعَلَ يُنَادِي يَا مُحَمَّدَاهْ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَفْسِي لَكَ الْفِدَاءُ فِي أَيِّ وَادٍ أَنْتَ مُلْقًى وَ جَعَلَتْ خَدِيجَةُ تُنَادِي مَنْ أَحَسَّ لِيَ النَّبِيَّ الْمُصْطَفَى مَنْ أَحَسَّ لِيَ الرَّبِيعَ الْمُرْتَضَى مَنْ أَحَسَّ لِيَ الْمَطْرُودَ فِي اللَّهِ مَنْ أَحَسَّ لِي أَبَا الْقَاسِمِ وَ هَبَطَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ ع فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ ص بَكَى وَ قَالَ مَا تَرَى مَا صَنَعَ بِي قَوْمِي كَذَّبُونِي وَ طَرَدُونِي وَ خَرَجُوا عَلَيَّ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ نَاوِلْنِي يَدَكَ فَأَخَذَ يَدَهُ فَأَقْعَدَهُ عَلَى الْجَبَلِ ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ تَحْتِ جَنَاحِهِ دُرْنُوكاً 5726 مِنْ دَرَانِيكِ الْجَنَّةِ مَنْسُوجاً بِالدُّرِّ وَ الْيَاقُوتِ وَ بَسَطَهُ حَتَّى جَلَّلَ بِهِ جِبَالَ تِهَامَةَ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ ص حَتَّى أَقْعَدَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ يَا مُحَمَّدُ أَ تُرِيدُ أَنْ تَعْلَمَ كَرَامَتَكَ عَلَى اللَّهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَادْعُ إِلَيْكَ تِلْكَ الشَّجَرَةَ تُجِبْكَ فَدَعَاهَا فَأَقْبَلَتْ حَتَّى خَرَّتْ بَيْنَ يَدَيْهِ سَاجِدَةً فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ مُرْهَا تَرْجِعْ فَأَمَرَهَا فَرَجَعَتْ إِلَى مَكَانِهَا وَ هَبَطَ عَلَيْهِ إِسْمَاعِيلُ حَارِسُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَمَرَنِي رَبِّي أَنْ أُطِيعَكَ أَ فَتَأْمُرُنِي أَنْ أَنْثُرَ عَلَيْهِمُ النُّجُومَ فَأُحْرِقَهُمْ وَ أَقْبَلَ مَلَكُ الشَّمْسِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَ تَأْمُرُنِي أَنْ آخُذَ عَلَيْهِمُ الشَّمْسَ فَأَجْمَعَهَا عَلَى رُءُوسِهِمْ فَتُحْرِقَهُمْ وَ أَقْبَلَ مَلَكُ الْأَرْضِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُطِيعَكَ أَ فَتَأْمُرُنِي أَنْ آمُرَ الْأَرْضَ فَتَجْعَلَهُمْ فِي بَطْنِهَا
كَمَا هُمْ عَلَى ظَهْرِهَا وَ أَقْبَلَ مَلَكُ الْجِبَالِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُطِيعَكَ أَ فَتَأْمُرُنِي أَنْ آمُرَ الْجِبَالَ فَتَنْقَلِبَ عَلَيْهِمْ فَتَحْطِمَهُمْ وَ أَقْبَلَ مَلَكُ الْبِحَارِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَمَرَنِي رَبِّي أَنْ أُطِيعَكَ أَ فَتَأْمُرُنِي أَنْ آمُرَ الْبِحَارَ فَتُغْرِقَهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص قَدْ أُمِرْتُمْ بِطَاعَتِي قَالُوا نَعَمْ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَ نَادَى أَنِّي لَمْ أُبْعَثْ عَذَاباً إِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ دَعُونِي وَ قَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ وَ نَظَرَ جَبْرَئِيلُ ع إِلَى خَدِيجَةَ تَجُولُ فِي الْوَادِي فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَ لَا تَرَى إِلَى خَدِيجَةَ قَدْ أَبْكَتْ لِبُكَائِهَا مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ ادْعُهَا إِلَيْكَ فَأَقْرِئْهَا مِنِّي السَّلَامَ وَ قُلْ لَهَا إِنَّ اللَّهَ يُقْرِئُكِ السَّلَامَ وَ بَشِّرْهَا أَنَّ لَهَا فِي الْجَنَّةِ بَيْتاً مِنْ قَصَبٍ لَا نَصَبَ فِيهِ وَ لَا صَخَبَ 5727 لُؤْلُؤاً مُكَلَّلًا بِالذَّهَبِ فَدَعَاهَا النَّبِيُّ ص وَ الدِّمَاءُ تَسِيلُ مِنْ وَجْهِهِ عَلَى الْأَرْضِ وَ هُوَ يَمْسَحُهَا وَ يَرُدُّهَا قَالَتْ فِدَاكَ أَبِي وَ أُمِّي دَعِ الدَّمْعَ يَقَعْ عَلَى الْأَرْضِ قَالَ أَخْشَى أَنْ يَغْضَبَ رَبُّ الْأَرْضِ عَلَى مَنْ عَلَيْهَا فَلَمَّا جُنَّ عَلَيْهِمُ اللَّيْلُ انْصَرَفَتْ خَدِيجَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ عَلِيٌّ ع وَ دَخَلَتْ بِهِ مَنْزِلَهَا فَأَقْعَدَتْهُ عَلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ الصَّخْرَةُ وَ أَظَلَّتْهُ بِصَخْرَةٍ مِنْ فَوْقِ رَأْسِهِ وَ قَامَتْ فِي وَجْهِهِ تَسْتُرُهُ بِبُرْدِهَا 5728 وَ أَقْبَلَ الْمُشْرِكُونَ يَرْمُونَهُ بِالْحِجَارَةِ فَإِذَا جَاءَتْ مِنْ فَوْقِ رَأْسِهِ صَخْرَةٌ وَقَتْهُ الصَّخْرَةُ وَ إِذَا رَمَوْهُ مِنْ تَحْتِهِ وَقَتْهُ الْجُدْرَانُ الْحَيِّطُ وَ إِذَا رُمِيَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَقَتْهُ خَدِيجَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِنَفْسِهَا وَ جَعَلَتْ تُنَادِي يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ تُرْمَى الْحُرَّةُ فِي مَنْزِلِهَا فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ انْصَرَفُوا عَنْهُ وَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ يُصَلِّي قَالَ وَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ مِنْ نُبُوَّتِهِ ص نَزَلَتْ الم غُلِبَتِ الرُّومُ 5729 كَمَا مَرَّتْ قِصَّتُهُ فِي بَابِ إِعْجَازِ الْقُرْآنِ.
باب 2 آخر في كيفية صدور الوحي و نزول جبرئيل ع و علة احتباس الوحي و بيان أنه ص هل كان قبل البعثة متعبدا بشريعة أم لا
الآيات مريم وَ ما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَ ما خَلْفَنا وَ ما بَيْنَ ذلِكَ وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا طه وَ لا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً الفرقان وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَ رَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا الشعراء وَ إِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ النمل وَ إِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ حمعسق وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَ لَا الْإِيمانُ وَ لكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ النجم عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى إلى قوله أَوْ أَدْنى القيامة لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ
تفسير قال البيضاوي في قوله تعالى وَ ما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ حكاية قول جبرئيل ع حين استبطأه رسول الله ص لما سئل عن قصة أصحاب الكهف و ذي القرنين و الروح و لم يدر ما يجيب و رجا أن يوحى إليه فيه فأبطأ عليه خمسة عشر يوما و قيل أربعين يوما حتى قال المشركون ودعه ربه و قلاه ثم نزل ببيان ذلك و التنزل النزول على مهل لأنه مطاوع نزل و قد يطلق التنزل بمعنى النزول مطلقا كما يطلق نزل بمعنى أنزل و المعنى و ما ننزل وقتا غب وقت إلا بأمر الله على ما تقتضيه حكمته و قرئ و ما يتنزل بالياء و الضمير للوحي لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَ ما خَلْفَنا وَ ما بَيْنَ ذلِكَ و هو ما نحن فيه من الأماكن أو الأحايين لا ننقل من مكان إلى مكان و لا ننزل في زمان دون زمان إلا بأمره و مشيته وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا تاركا لك أي ما كان عدم النزول إلا لعدم الأمر به و لم يكن ذلك عن ترك الله لك و توديعه 5730 إياك كما زعمت الكفرة و إنما كان لحكمة رآها فيه 5731 .
قوله تعالى وَ لا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ قال الطبرسي فيه وجوه.
أحدها أن معناه لا تعجل بتلاوته قبل أن يفرغ جبرئيل من إبلاغه فإنه ص كان يقرأ معه و يعجل بتلاوته مخافة نسيانه أي تفهم ما يوحى إليك إلى أن يفرغ الملك من تلاوته و لا تقرأ معه ثم اقرأ بعد فراغه منه. 5732
ثانيها أن معناه لا تقرئ به أصحابك و لا تمله 5733 حتى يتبين لك معانيه.
و ثالثها أن معناه و لا تسأل إنزال القرآن قبل أن يأتيك وحيه لأنه تعالى إنما ينزله بحسب المصلحة وقت الحاجة 5734 .
قوله تعالى كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ قال البيضاوي أي كذلك أنزلناه مفرقا لنقوي بتفريقه فؤادك على حفظه و فهمه لأن حاله يخالف حال موسى و عيسى و داود ع
حيث كان أميا و كانوا يكتبون فلو ألقي عليه جملة لتعيي 5735 بحفظه و لأن نزوله بحسب الوقائع يوجب مزيد بصيرة و خوض في المعنى و لأنه إذا نزل منجما 5736 و يتحدى بكل نجم فيعجزون عن معارضته زاد ذلك قوة قلبه و لأنه إذا نزل به جبرئيل حالا بعد حال يثبت به فؤاده و من فوائد التفريق معرفة الناسخ و المنسوخ و منها انضمام القرائن الحالية إلى الدلالات اللفظية فإنه يعين على البلاغة وَ رَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا أي و قرأنا عليك شيئا بعد شيء على تؤدة و تمهل في عشرين سنة أو ثلاث و عشرين سنة 5737 .
قوله تعالى ما كانَ لِبَشَرٍ أي لا يصح له أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أي إلهاما و قذفا في القلوب أو إلقاء في المنام أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أي يكلمه من وراء حجاب كما كلم موسى ع بخلق الصوت في الطور و كما كلم نبينا ص في المعراج و هذا إما على سبيل الاستعارة و التشبيه فإن من يسمع الكلام و لا يرى المتكلم يشبه حاله بحال من يكلم من وراء حجاب أو المراد بالحجاب الحجاب المعنوي من كماله تعالى و نقص الممكنات و نوريته تعالى و ظلمانية غيره كما سبق تحقيقه في كتاب التوحيد أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا أي ملكا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ فظهر أن وحيه تعالى منحصر في أقسام ثلاثة إما بالإلهام و الإلقاء في المنام أو بخلق الصوت بحيث يسمعه الموحى إليه أو بإرسال ملك و علم الملك أيضا يكون على هذه الوجوه 5738 و الملك الأول 5739 لا يكون علمه إلا بوجهين منها و قد يكون بأن يطالع في اللوح و سيأتي تحقيقه في الأخبار إِنَّهُ عَلِيٌ عن أن يدرك بالأبصار حَكِيمٌ في جميع الأفعال وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً قيل المراد القرآن و قيل جبرئيل و سيأتي في الأخبار أن المراد به روح القدس فعلى الأخيرين المراد بأوحينا أرسلنا مِنْ أَمْرِنا أي بأمرنا أو أنه من عالم الأمر و قد مر تحقيقه و
سيأتي ما كُنْتَ تَدْرِي أي قبل الوحي مَا الْكِتابُ وَ لَا الْإِيمانُ قيل الكتاب القرآن و الإيمان الصلاة و قيل المراد أهل الإيمان على حذف المضاف و قيل المراد به الشرائع و معالم الإيمان و هو ص لم يكن في حال من الأحوال على غير الإيمان و استدل بهذه الآية على أنه ص لم يكن قبل النبوة متعبدا بشرع و سيأتي تحقيقه وَ لكِنْ جَعَلْناهُ أي القرآن أو الروح أو الإيمان.