کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
نِعَمِي عَلَيْهِ وَ بَيْنَ عَمَلِهِ فَتَسْتَغْرِقُ النِّعَمُ الْعَمَلَ فَيَقُولُونَ قَدِ اسْتَغْرَقَ النِّعَمُ الْعَمَلَ فَيَقُولُ هَبُوا لَهُ النِّعَمَ وَ قِيسُوا بَيْنَ الْخَيْرِ وَ الشَّرِّ مِنْهُ فَإِنِ اسْتَوَى الْعَمَلَانِ أَذْهَبَ اللَّهُ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ وَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ وَ إِنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ أَعْطَاهُ اللَّهُ بِفَضْلِهِ وَ إِنْ كَانَ عَلَيْهِ فَضْلٌ وَ هُوَ مِنْ أَهْلِ التَّقْوَى وَ لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ تَعَالَى وَ اتَّقَى الشِّرْكَ بِهِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْمَغْفِرَةِ يَغْفِرُ اللَّهُ لَهُ بِرَحْمَتِهِ إِنْ شَاءَ وَ يَتَفَضَّلُ عَلَيْهِ بِعَفْوِهِ.
عد، العقائد اعتقادنا في الوعد و الوعيد هو أن من وعده الله على عمل ثوابا فهو منجزه و من وعده على عمل عقابا فهو فيه بالخيار إن عذبه فبعدله و إن عفا عنه فبفضله و ما الله بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ و قد قال الله عز و جل إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ 3554 و اعتقادنا في العدل هو أن الله تبارك و تعالى أمرنا بالعدل و عاملنا بما هو فوقه و هو التفضل و ذلك أنه عز و جل يقول مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ 3555 بيان قال الشيخ المفيد قدس الله روحه في شرح القول الأخير العدل هو الجزاء على العمل بقدر المستحق عليه و الظلم هو منع الحقوق و الله تعالى كريم جواد متفضل رحيم قد ضمن الجزاء على الأعمال و العوض على المبتدإ من الآلام و وعد التفضل بعد ذلك بزيادة من عنده فقال تعالى لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَ زِيادَةٌ 3556 فخبر أن للمحسن الثواب المستحق و زيادة من عنده و قال مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها يعني له عشر أمثال ما يستحق عليها وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ يريد أنه لا يجازيه بأكثر مما يستحقه ثم ضمن بعد ذلك العفو و وعد بالغفران فقال سبحانه وَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ 3557 و قال إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ 3558 و قال قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا 3559 و الحق الذي للعبد هو ما جعل الله حقا له و اقتضاء جود الله و كرمه و إن
كان لو حاسبه بالعدل لم يكن له عليه بعد النعم التي أسلفها حق لأنه تعالى ابتدأ خلقه بالنعم و أوجب عليهم بها الشكر و ليس أحد من الخلق يكافئ نعم الله تعالى عليه بعمل و لا يشكره أحد إلا و هو مقصر بالشكر عن حق النعمة و قد أجمع أهل القبلة على أن من قال إني وفيت جميع ما لله علي و كافأت نعمه بالشكر فهو ضال و أجمعوا على أنهم مقصرون عن حق الشكر و أن لله عليهم حقوقا لو مد في أعمارهم إلى آخر مدى الزمان لما وفوا الله سبحانه بما له عليهم فدل ذلك على أن ما جعله حقا لهم فإنما جعله بفضله و جوده و كرمه و لأن حال العامل الشاكر خلاف حال من لا عمل له في العقول و ذلك أن الشاكر يستحق في العقول الحمد و من لا عمل له فليس له في العقول حمد و إذا ثبت الفصل بين العامل و من لا عمل له كان ما يجب في العقول من حمده هو الذي يحكم عليه بحقه و يشار إليه بذلك و إذا أوجبت العقول له مزية على من لا عمل له كان العدل من الله تعالى معاملته بما جعل في العقول له حقا و قد أمر تعالى بالعدل و نهى عن الجور فقال تعالى إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ 3560 الآية انتهى.
و قال العلامة رحمه الله في شرحه على التجريد ذهب جماعة من معتزلة بغداد إلى أن العفو جائز عقلا غير جائز سمعا و ذهب البصريون إلى جوازه سمعا و هو الحق و استدل المصنف رحمه الله بوجوه ثلاثة.
الأول أن العقاب حق لله تعالى فجاز تركه و المقدمتان ظاهرتان.
الثاني أن العقاب ضرر بالمكلف و لا ضرر في تركه على مستحقه و كل ما كان كذلك كان تركه حسنا أما أنه ضرر بالمكلف فضروري و أما عدم الضرر في تركه فقطعي لأنه تعالى غني بذاته عن كل شيء و أما أن ترك مثل هذا حسن فضرورية و أما السمع فالآيات الدالة على العفو كقوله تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ فإما أن يكون هذان الحكمان مع التوبة أو بدونها و الأول باطل لأن الشرك يغفر من التوبة فتعين الثاني و أيضا المعصية مع التوبة يجب غفرانها
و ليس المراد في الآية المعصية التي يجب غفرانها لأن الواجب لا يعلق بالمشية فما كان يحسن قوله لِمَنْ يَشاءُ فوجب عود الآية إلى معصية لا يجب غفرانها و لقوله تعالى إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ و على يدل على الحال أو الغرض كما يقال ضربت زيدا على عصيانه أي لأجل عصيانه و هو غير مراد هنا قطعا فتعين الأول و الله تعالى قد نطق في كتابه العزيز بأنه عفو غفور و أجمع المسلمون عليه و لا معنى له إلا إسقاط العقاب عن العاصي انتهى أقول سيأتي الآيات و الأخبار في ذلك.
إلى هنا تمّ الجزء الخامس من كتاب بحار الأنوار من هذه الطبعة المزدانة بتعاليق نفيسة قيّمة و فوائد جمّة ثمينة؛ و يحوي هذا الجزء 528 حديثاً و 18 باباً.
و اللّه الموفّق للخير و الرشاد.
ذيحجة الحرام 1376 ه
فهرست ما في هذا الجزء
الموضوع/ الصفحة
أبواب العدل
باب 1 نفي الظلم و الجور عنه تعالى، و إبطال الجبر و التفويض، و إثبات الأمر بين الأمرين، و إثبات الاختيار و الاستطاعة؛ و فيه 112 حديثاً. 2- 67
باب 2 آخر و هو من الباب الأوّل و فيه حديث. 68- 84
باب 3 القضاء و القدر: و المشيّة و الإرادة و سائر أبواب الفعل؛ و فيه 79 حديثاً. 84- 135
باب 4 الآجال؛ و فيه 14 حديثاً. 136- 143
باب 5 الأرزاق و الأسعار؛ و فيه 13 حديثاً. 143- 152
باب 6 السعادة و الشقاوة، و الخير و الشّر، و خالقهما و مقدّرهما؛ و فيه 23 حديثاً. 152- 161
باب 7 الهداية و الإضلال و التوفيق و الخذلان؛ و فيه 50 حديثاً. 162- 210
باب 8 التمحيص و الاستدراج، و الابتلاء و الاختبار؛ و فيه 18 حديثاً. 210- 220
باب 9 أنّ المعرفة منه تعالى؛ و فيه 13 حديثاً. 220- 224
باب 10 الطينة و الميثاق؛ و فيه 67 حديثاً. 225- 276
باب 11 من لا ينجبون من الناس، و محاسن الخلقة و عيوبها اللّتين تؤثّران فى الخلق؛ و فيه 15 حديثاً. 276- 281
باب 12 علّة عذاب الاستيصال، و حال ولد الزنا، و علّة اختلاف أحوال الخلق؛ و فيه 41 حديثاً. 281- 288
باب 13 الأطفال و من لم يتمّ عليهم الحجّة في الدنيا؛ و فيه 22 حديثاً. 288- 297
باب 14 من رفع عنه القلم، و نفي الحرج في الدين، و شرائط صحّة التكليف، و ما يعذّر فيه الجاهل، و أنّه يلزم على اللّه التعريف؛ و فيه 29 حديثاً. 298- 308
باب 15 علّة خلق العباد و تكليفهم، و العلّة التّي من أجلها جعل اللّه في الدنيا اللذّات و الآلام و المحن؛ و فيه 18 حديثاً. 309- 318
باب 16 عموم التكاليف؛ و فيه ثلاثة أحاديث. 318- 319
باب 17 أنّ الملائكة يكتبون أعمال العباد؛ و فيه 35 حديثاً. 319- 330