کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
نزلت آية في قصة أو واقعة فهي جارية في أمثالها و أشباهها فما ورد في عبادة الأصنام و الطواغيت في زمان كان الغالب فيه عبادة الأصنام لعدولهم عن الأدلة العقلية و النقلية الدالة على بطلانها و على وجوب طاعة النبي الناهي عن عبادتها فهو يجري في أقوام تركوا طاعة أئمة الحق و اتبعوا أئمة الجور لعدولهم عن الأدلة العقلية و النقلية و اتباعهم الأهواء و عدولهم عن النصوص الجلية فهم لكثرتهم و امتداد أزمنتهم كأنهم الأصل و كان ظواهر الآيات مثل فيهم فظواهر الآيات أكثرها أمثال و بواطنها هي المقصودة بالإنزال كما قال سبحانه وَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ 2492 .
و على ما حققنا لا يلزم جريان سائر الآيات الواقعة في ذلك السياق في هذا البطن كقوله سبحانه أَ لَكُمُ الذَّكَرُ وَ لَهُ الْأُنْثى 2493 و إن أمكن أن يكون في بطن الآية إطلاق الأنثى عليهم للأنوثية السارية في أكثرهم لا سيما الثاني كما مر في تأويل قوله تعالى إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً 2494 إن كل من تسمى بأمير المؤمنين و رضي بهذا اللقب غيره ع فهو مبتلى بالعلة الملعونة أو لضعف الإناث بالنسبة إلى الذكور على سبيل الاستعارة فإن فرارهم في أكثر الحروب و عجزهم عن أكثر أمور الخلافة و شرائطها يلحقهم بالإناث كما قال عمر كل الناس أفقه من عمر حتى المخدرات في الحجال.
ثم اعلم أنه قرأ بعضهم مثل بضمتين أي أصنام و هو بعيد و قرأ بعضهم مثل بالكسر و قال المراد أن الظهر و البطن جميعا لآل محمد في جميع القرآن مثل هذه الآية و هو أيضا بعيد تعرضت إليك أي متوجها إليك مؤيسا ألا أكون الظاهر أنه بالفتح مركبا من أن و لا و لا زائدة كما في قوله تعالى ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ 2495 .
أو يضمن مؤيسا معنى الخوف أي خائفا أن لا أكون و قيل إلا بالكسر من قبيل سألتك إلا فعلت كذا أي كنت في جميع الأحوال مؤيسا إلا وقت الظفر بحاجتي و الأول أظهر.
و لا أعلم أن أباك لعل كلمة أن زيدت من النساخ و إن أمكن توجيهه و كان التخصيص بالسفر الرابع لكونه أفضل أسفار التوراة أو لاشتماله على أحوال خاتم النبيين و أوصيائه صلوات الله عليهم و أقم ثلاثا كأنه أمره بذلك لئلا يعلم الناس بالتعجيل مطلبه و في القاموس 2496 النزيل الضيف.
عن فلان بن فلان الفلاني عن موسى بن جعفر العلوي مثلا و النادي المجلس و أي ساعة يمر أي يتوجه إلى النادي و ضمير فيها للساعة فليريكاه بفتح اللام و الألف للإشباع.
و سأصفه الظاهر أنه وصف الإمام ع بحليته له و لم يذكر في الخبر و من بقي أي أمة خاتم الأنبياء فإن دينه باق إلى يوم القيامة و يجيء من موضعه أي بطي الأرض بإعجازه ع.
فتبين في الأرض أي ظهرت و عمل بمضمونها و كأن البقاء في الهواء كناية عن عدم تبينها في الأرض و عدم العمل بمضمونها لأنها متعلقة بأحوال من يأتي في آخر الزمان أو أنها نزلت من اللوح إلى بيت المعمور أو إلى السماء الدنيا أو إلى بعض الصحف لكن لم تنزل بعد إلى الأرض و تنزل عليه ع و يؤيده قوله و ينزل عليه باقيا كأنه حال عن يقول المقدر في قوله فلا إله إلا الله أي فقولي لا إله إلا الله حال كون ذلك القول باقيا أبد الدهر و كذا قوله مخلصا أو إلها باقيا و أرسل حال كونه مخلصا بفتح اللام أو كسرها نحن أهل البيت بالرفع على الخبرية أي نحن المعنيون بآية التطهير أو بالبدلية أو بالنصب على الاختصاص فالمعنى أن الكلمة الثانية نحن فإنهم كلمات الله الحسنى كما مر.
و قوله بسبب متعلق بالجمل الثلاث أي شيعتنا متعلقون منا بسبب و هكذا
و السبب في الأصل هو الحبل ثم استعير لكل ما يتوصل به إلى الشيء قال تعالى وَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ 2497 أي الوصل و المودات و المراد هنا الدين أو الولاية و المحبة و الروابط المعنوية و المستذلون بفتح المعجمة أي الذين صيرهم الناس أذلاء و في بعض النسخ المستبدلون إشارة إلى قوله تعالى يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ* 2498 و لهم عاقبة الله أي تمكينهم في الأرض في آخر الزمان كما قال تعالى وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ 2499 .
و في القاموس القوهي ثياب بيض و قوهستان بالضم كورة بين نيسابور و هراة و موضع و بلد بكرمان و منه ثوب قوهي لما ينسج بها أو كل ثوب أشبهه يقال له قوهي 2500 في سابعي أي سابع ولادتي بأن كان أبوه مؤمنا أو سبعة أيام قبل ذلك.
وَ رَوَى الْبُرْسِيُّ فِي مَشَارِقِ الْأَنْوَارِ 2501 عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ أَمَرَنِي سَيِّدِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع يَوْماً أَنْ أُقَدِّمَ نَاقَتَهُ إِلَى بَابِ الدَّارِ فَجِئْتُ بِهَا فَخَرَجَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى ع مُسْرِعاً وَ هُوَ ابْنُ سِتِّ سِنِينَ فَاسْتَوَى عَلَى ظَهْرِ النَّاقَةِ وَ أَثَارَهَا وَ غَابَ عَنْ بَصَرِي قَالَ فَقُلْتُ إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ وَ مَا أَقُولُ لِمَوْلَايَ إِذَا خَرَجَ يُرِيدُ النَّاقَةَ قَالَ فَلَمَّا مَضَى مِنَ النَّهَارِ سَاعَةٌ إِذَا النَّاقَةُ قَدِ انْقَضَّتْ كَأَنَّهَا شِهَابٌ وَ هِيَ تَرْفَضُّ عَرَقاً فَنَزَلَ عَنْهَا وَ دَخَلَ الدَّارَ فَخَرَجَ الْخَادِمُ وَ قَالَ أَعِدِ النَّاقَةَ مَكَانَهَا وَ أَجِبْ مَوْلَاكَ قَالَ فَفَعَلْتُ مَا أَمَرَنِي فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ يَا صَفْوَانُ إِنَّمَا أَمَرْتُكَ بِإِحْضَارِ النَّاقَةِ لِيَرْكَبَهَا مَوْلَاكَ أَبُو الْحَسَنِ فَقُلْتَ فِي نَفْسِكَ كَذَا وَ كَذَا فَهَلْ
عَلِمْتَ يَا صَفْوَانُ أَيْنَ بَلَغَ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِنَّهُ بَلَغَ مَا بَلَغَهُ ذُو الْقَرْنَيْنِ وَ جَاوَزَهُ أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً وَ أَبْلَغَ كُلَّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ سَلَامِي.
. أقول سيأتي الأخبار المتعلقة بهذا الباب في سائر الأبواب الآتية و باب النص على الرضا ع.
باب 5 عبادته و سيره و مكارم أخلاقه و وفور علمه صلوات عليه عليه
1- ب، قرب الإسناد مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ الْأَوَّلِ ع فِي بَيْتِهِ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ فَإِذَا لَيْسَ فِي الْبَيْتِ شَيْءٌ إِلَّا خَصَفَةٌ 2502 وَ سَيْفٌ مُعَلَّقٌ وَ مُصْحَفٌ 2503 .
2- ب، قرب الإسناد عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ أَخِي مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ ع فِي أَرْبَعِ عُمَرٍ يَمْشِي فِيهَا إِلَى مَكَّةَ بِعِيَالِهِ وَ أَهْلِهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ مَشَى فِيهَا سِتَّةً وَ عِشْرِينَ يَوْماً وَ أُخْرَى خَمْسَةً وَ عِشْرِينَ يَوْماً وَ أُخْرَى أَرْبَعَةً وَ عِشْرِينَ يَوْماً وَ أُخْرَى أَحَداً وَ عِشْرِينَ يَوْماً 2504 .
3- ب، قرب الإسناد مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ ع إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ ثَلَاثُونَ مَمْلُوكاً مِنَ الْحَبَشِ
وَ قَدِ اشْتَرَوْهُمْ لَهُ فَكَلَّمَ غُلَاماً مِنْهُمْ وَ كَانَ مِنَ الْحَبَشِ جَمِيلٌ فَكَلَّمَهُ بِكَلَامٍ سَاعَةً حَتَّى أَتَى عَلَى جَمِيعِ مَا يُرِيدُ وَ أَعْطَاهُ دِرْهَماً فَقَالَ أَعْطِ أَصْحَابَكَ هَؤُلَاءِ كُلَّ غُلَامٍ مِنْهُمْ كُلَّ هِلَالٍ ثَلَاثِينَ دِرْهَماً ثُمَّ خَرَجُوا فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ لَقَدْ رَأَيْتُكَ تُكَلِّمُ هَذَا الْغُلَامَ بِالْحَبَشِيَّةِ فَمَا ذَا أَمَرْتَهُ قَالَ أَمَرْتُهُ أَنْ يَسْتَوْصِيَ بِأَصْحَابِهِ خَيْراً وَ يُعْطِيَهُمْ فِي كُلِّ هِلَالٍ ثَلَاثِينَ دِرْهَماً وَ ذَلِكَ أَنِّي لَمَّا نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلِمْتُ أَنَّهُ غُلَامٌ عَاقِلٌ مِنْ أَبْنَاءِ مَلِكِهِمْ فَأَوْصَيْتُهُ بِجَمِيعِ مَا أَحْتَاجُ إِلَيْهِ فَقَبِلَ وَصِيَّتِي وَ مَعَ هَذَا غُلَامُ صِدْقٍ ثُمَّ قَالَ لَعَلَّكَ عَجِبْتَ مِنْ كَلَامِي إِيَّاهُ بِالْحَبَشِيَّةِ لَا تَعْجَبْ فَمَا خَفِيَ عَلَيْكَ مِنْ أَمْرِ الْإِمَامِ أَعْجَبُ وَ أَكْثَرُ وَ مَا هَذَا مِنَ الْإِمَامِ فِي عِلْمِهِ إِلَّا كَطَيْرٍ أَخَذَ بِمِنْقَارِهِ مِنَ الْبَحْرِ قَطْرَةً مِنْ مَاءٍ أَ فَتَرَى الَّذِي أَخَذَ بِمِنْقَارِهِ نَقَصَ مِنَ الْبَحْرِ شَيْئاً قَالَ فَإِنَّ الْإِمَامَ بِمَنْزِلَةِ الْبَحْرِ لَا يَنْفَدُ مَا عِنْدَهُ وَ عَجَائِبُهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَ الطَّيْرُ حِينَ أَخَذَ مِنَ الْبَحْرِ قَطْرَةً بِمِنْقَارِهِ لَمْ يَنْقُصْ مِنَ الْبَحْرِ شَيْئاً كَذَلِكَ الْعَالِمُ لَا ينقصه [يَنْقُصُ] عِلْمُهُ شَيْئاً وَ لَا تَنْفَدُ عَجَائِبُهُ 2505 .
4- يج، الخرائج و الجرائح ابْنُ أَبِي حَمْزَةَ مِثْلَهُ 2506 .
5- عم 2507 ، إعلام الورى شا، الإرشاد كَانَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى ع أَعْبَدَ أَهْلِ زَمَانِهِ وَ أَفْقَهَهُمْ وَ أَسْخَاهُمْ كَفّاً وَ أَكْرَمَهُمْ نَفْساً وَ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي نَوَافِلَ اللَّيْلِ وَ يَصِلُهَا بِصَلَاةِ الصُّبْحِ ثُمَّ يُعَقِّبُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَ يَخِرُّ لِلَّهِ سَاجِداً فَلَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ وَ التَّحْمِيدِ حَتَّى يَقْرُبَ زَوَالُ الشَّمْسِ وَ كَانَ يَدْعُو كَثِيراً فَيَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الرَّاحَةَ عِنْدَ الْمَوْتِ وَ الْعَفْوَ عِنْدَ الْحِسَابِ وَ يُكَرِّرُ ذَلِكَ وَ كَانَ مِنْ دُعَائِهِ ع عَظُمَ الذَّنْبُ مِنْ عَبْدِكَ فَلْيَحْسُنِ الْعَفْوُ مِنْ عِنْدِكَ وَ كَانَ يَبْكِي مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ حَتَّى تَخْضَلَّ لِحْيَتُهُ بِالدُّمُوعِ وَ كَانَ أَوْصَلَ النَّاسِ لِأَهْلِهِ وَ رَحِمِهِ وَ كَانَ يَفْتَقِدُ فُقَرَاءَ الْمَدِينَةِ
فِي اللَّيْلِ فَيَحْمِلُ إِلَيْهِمُ الزَّبِيلَ فِيهِ الْعَيْنُ وَ الْوَرِقُ وَ الْأَدِقَّةُ وَ التُّمُورُ فَيُوصِلُ إِلَيْهِمْ ذَلِكَ وَ لَا يَعْلَمُونَ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ هُوَ 2508 .
6- شا، الإرشاد الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ جَدِّهِ يَحْيَى بْنِ الْحَسَنِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكْرِيِّ قَالَ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ أَطْلُبُ بِهَا دَيْناً فَأَعْيَانِي فَقُلْتُ لَوْ ذَهَبْتُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ ع فَشَكَوْتُ إِلَيْهِ فَأَتَيْتُهُ بِنَقَمَى فِي ضَيْعَتِهِ فَخَرَجَ إِلَيَّ وَ مَعَهُ غُلَامٌ وَ مَعَهُ مِنْسَفٌ فِيهِ قَدِيدٌ مُجَزَّعٌ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ فَأَكَلَ فَأَكَلْتُ مَعَهُ ثُمَّ سَأَلَنِي عَنْ حَاجَتِي فَذَكَرْتُ لَهُ قِصَّتِي فَدَخَلَ وَ لَمْ يَقُمْ إِلَّا يَسِيراً حَتَّى خَرَجَ إِلَيَّ فَقَالَ لِغُلَامِهِ اذْهَبْ ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ إِلَيَّ فَنَاوَلَنِي صُرَّةً فِيهَا ثَلَاثُمِائَةِ دِينَارٍ ثُمَّ قَامَ فَوَلَّى فَقُمْتُ فَرَكِبْتُ دَابَّتِي وَ انْصَرَفْتُ 2509 .
بيان: المنسف كمنبر ما ينفض به الحب شيء طويل متصوب الصدر أعلاه مرتفع و المجزع المقطع.
7- عم 2510 ، إعلام الورى شا، الإرشاد الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ جَدِّهِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ مَشَايِخِهِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ وُلْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كَانَ بِالْمَدِينَةِ يُؤْذِي أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى ع وَ يَسُبُّهُ إِذَا رَآهُ وَ يَشْتِمُ عَلِيّاً فَقَالَ لَهُ بَعْضُ حَاشِيَتِهِ يَوْماً دَعْنَا نَقْتُلْ هَذَا الْفَاجِرَ فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ أَشَدَّ النَّهْيِ وَ زَجَرَهُمْ وَ سَأَلَ عَنِ الْعُمَرِيِّ فَذَكَرَ أَنَّهُ يَزْرَعُ بِنَاحِيَةٍ مِنْ نَوَاحِي الْمَدِينَةِ فَرَكِبَ إِلَيْهِ فَوَجَدَهُ فِي مَزْرَعَةٍ لَهُ فَدَخَلَ الْمَزْرَعَةَ بِحِمَارِهِ فَصَاحَ بِهِ الْعُمَرِيُّ لَا تُوَطِّئْ زَرْعَنَا فَتَوَطَّأَهُ ع بِالْحِمَارِ حَتَّى وَصَلَ إِلَيْهِ وَ نَزَلَ وَ جَلَسَ عِنْدَهُ وَ بَاسَطَهُ وَ ضَاحَكَهُ وَ قَالَ لَهُ كَمْ غَرِمْتُ عَلَى زَرْعِكَ هَذَا قَالَ مِائَةَ دِينَارٍ قَالَ فَكَمْ تَرْجُو أَنْ تُصِيبَ قَالَ لَسْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ قَالَ لَهُ إِنَّمَا قُلْتُ كَمْ تَرْجُو أَنْ يَجِيئَكَ فِيهِ قَالَ أَرْجُو أَنْ يَجِيءَ مِائَتَا دِينَارٍ
قَالَ فَأَخْرَجَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ ع صُرَّةً فِيهَا ثَلَاثُمِائَةِ دِينَارٍ وَ قَالَ هَذَا زَرْعُكَ عَلَى حَالِهِ وَ اللَّهُ يَرْزُقُكَ فِيهِ مَا تَرْجُو قَالَ فَقَامَ الْعُمَرِيُّ فَقَبَّلَ رَأْسَهُ وَ سَأَلَهُ أَنْ يَصْفَحَ عَنْ فَارِطِهِ فَتَبَسَّمَ إِلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ وَ انْصَرَفَ قَالَ وَ رَاحَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَوَجَدَ الْعُمَرِيَّ جَالِساً فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ قَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالاتِهِ قَالَ فَوَثَبَ أَصْحَابُهُ إِلَيْهِ فَقَالُوا لَهُ مَا قَضِيَّتُكَ قَدْ كُنْتَ تَقُولُ غَيْرَ هَذَا قَالَ فَقَالَ لَهُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ مَا قُلْتُ الْآنَ وَ جَعَلَ يَدْعُو لِأَبِي الْحَسَنِ ع فَخَاصَمُوهُ وَ خَاصَمَهُمْ فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو الْحَسَنِ إِلَى دَارِهِ قَالَ لِجُلَسَائِهِ الَّذِينَ سَأَلُوهُ فِي قَتْلِ الْعُمَرِيِّ أَيُّمَا كَانَ خَيْراً مَا أَرَدْتُمْ أَمْ مَا أَرَدْتُ إِنَّنِي أَصْلَحْتُ أَمْرَهُ بِالْمِقْدَارِ الَّذِي عَرَفْتُمْ وَ كُفِيتُ بِهِ شَرَّهُ.
وَ ذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ ع كَانَ يَصِلُ بِالْمِائَتَيْ دِينَارٍ إِلَى الثَّلَاثِمِائَةِ وَ كَانَ صرار [صُرَرُ] مُوسَى مَثَلًا 2511 .
وَ ذَكَرَ ابْنُ عُمَارَةَ وَ غَيْرُهُ مِنَ الرُّوَاةِ أَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ الرَّشِيدُ إِلَى الْحَجِّ وَ قَرُبَ مِنَ الْمَدِينَةِ اسْتَقْبَلَهُ الْوُجُوهُ مِنْ أَهْلِهَا يَقْدُمُهُمْ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ع عَلَى بَغْلَةٍ فَقَالَ لَهُ الرَّبِيعُ مَا هَذِهِ الدَّابَّةُ الَّتِي تَلَقَّيْتَ عَلَيْهَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ أَنْتَ إِنْ تَطْلُبْ عَلَيْهَا لَمْ تَلْحَقْ وَ إِنْ طُلِبْتَ عَلَيْهَا لَمْ تُفَتْ فَقَالَ إِنَّهَا تَطَأْطَأَتْ عَنْ خُيَلَاءِ الْخَيْلِ وَ ارْتَفَعَتْ عَنْ ذِلَّةِ الْعَيْرِ وَ خَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَاطُهَا قَالُوا وَ لَمَّا دَخَلَ هَارُونُ الرَّشِيدُ الْمَدِينَةَ تَوَجَّهَ لِزِيَارَةِ النَّبِيِّ ص وَ مَعَهُ النَّاسُ فَتَقَدَّمَ الرَّشِيدُ إِلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ عَمِّ مُفْتَخِراً بِذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ فَتَقَدَّمَ أَبُو الْحَسَنِ ع فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَتَاهْ فَتَغَيَّرَ وَجْهُ الرَّشِيدِ وَ تَبَيَّنَ الْغَيْظُ فِيهِ 2512 .