کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
عُمَرُ دَعَانَا إِلَى أَنْ يُنْكِحَ 333 أَيِّمَنَا 334 وَ يُجْدِي 335 مِنْهُ عَائِلُنَا، وَ يُقْضَى مِنْهُ عَنْ غَارِمِنَا، فَأَبَيْنَا إِلَّا أَنْ يُسَلِّمَهُ إِلَيْنَا، وَ أَبَى ذَلِكَ فَتَرَكْنَا عَلَيْهِ.
وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَهُ مِثْلُ أَبِي دَاوُدَ، وَ فِيهِ: وَ كَانَ الَّذِي عَرَضَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُعِينَ نَاكِحَهُمْ، وَ يَقْضِيَ عَنْ غَارِمِهِمْ، وَ يُعْطِيَ فَقِيرَهُمْ، وَ أَبَى أَنْ يَزِيدَهُمْ عَلَى ذَلِكَ.
انتهى.
و هي مع صحّتها عندهم تدلّ على أنّ عمر منع ذوي القربى بعض حقّهم الذي أعطاهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و يفهم منها أنّ 336 هذا المنع إنّما كان خوفا من قوّة بني هاشم لو وصل إليهم ما فرض اللّه لهم من الخمس فيميل الناس إليهم رغبة في الدنيا فيمكنهم طلب الخلافة، و قد كان خمس الخراج من سواد العراق وحده اثنين و ثلاثين ألف ألف درهم في كلّ سنة على بعض الروايات سوى خمس خيبر و غيرها، و لا ريب أنّ قيمة خمس تلك الأراضي أضعاف أضعاف هذا المبلغ، و كذا خمس الغنائم المنقولة المأخوذة من الفرس و غيرهم مال خطير، فلو أنّهم لم يغصبوا هذا الحقّ بل أدّوا إلى بني هاشم و سائر ذوي القربى حقّهم لم يفتقر أحد منهم أبدا، فوزر ما أصابهم من الفقر و المسكنة في أعناق أبي بكر و عمر و أتباعهما إلى يوم القيامة.
و أمّا الفرض، فقد قَالَ ابْنُ أَبِي الْحَدِيدِ 337 : رَوَى ابْنُ سَعْدٍ فِي كِتَابِ الطَّبَقَاتِ 338 : أَنَّ عُمَرَ خَطَبَ فَقَالَ: إِنَّ قَوْماً يَقُولُونَ: إِنَّ هَذَا الْمَالَ حَلَالٌ لِعُمَرَ،
وَ لَيْسَ كَمَا قَالُوا، لَا هَا اللَّهِ 339 إِذَنْ! أَنَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْهُ، يَحِلُّ لِي مِنْهُ 340 حُلَّتَانِ، حُلَّةٌ فِي الشِّتَاءِ وَ حُلَّةٌ فِي الْقَيْظِ 341 ، وَ مَا أَحُجُّ عَلَيْهِ وَ أَعْتَمِرُ مِنَ الظَّهْرِ، وَ قُوتِي وَ قُوتُ أَهْلِي كَقُوتِ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ لَيْسَ بِأَغْنَاهُمْ وَ لَا أَفْقَرِهِمْ، ثُمَّ أَنَا بَعْدُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُصِيبُنِي مَا أَصَابَهُمْ 342 .
و روى ابن سعد 343 أيضا-، أنّ عمر كان إذا احتاج أتى إلى صاحب بيت المال فاستقرضه، فربّما عسر عليه القضاء 344 فيأتيه صاحب بيت المال فيتقاضاه، فيحتال له، و ربّما خرج عطاؤه فقضاه.
و لقد 345 اشتكى مرّة فوصف له الطبيب العسل، فخ رج حتى صعد المنبر و في بيت المال عكّة 346 -، فقال: إن أذنتم لي فيها أخذتها و إلّا فهي عليّ حرام، فأذنوا له فيها.
ثم قال 347 : إنّما 348 مثلي و مثلكم كقوم سافروا 349 فدفعوا نفقاتهم إلى رجل
منهم لينفق عليهم، فهل يحلّ له أن يستأثر منها بشيء؟.
و روى أخبارا أخر أيضا من هذا الباب ظنّا منه أنّها تعينه على دفع الطعن، مع أنّها ممّا يؤيّده، إذ بعضها يدلّ على أنّه كان يرى الأخذ من بيت المال مجّانا حراما و لو كان للضرورة، إلّا أن يأذن ذوو الحقوق في ذلك، فيردّ حينئذ أنّ الاستئذان ممّن حضره حين صعد المنبر في الأكل من العسل لا يغني من جوع، فإنّ الحقّ لم يكن منحصرا في هؤلاء، و لم يكونوا وكلاء لمن غاب عنه حتى يكفيه إذنهم في التناول منه، مع أنّ بيت المال مصرفه مصالح المسلمين و ليس مشتركا بينهم كالميراث و نحوه، فإذا لم يكن للحاضرين حاجة مصحّحة للأخذ منه لم يكن لهم فيه حقّ حتى ينفع إذنهم في الأخذ، و كون أخذ الإمام من المصالح- لا سيّما للدواء- لا ينفع، فإنّه لو تمّ لدلّ على عدم الحاجة إلى الاستئذان مطلقا، فهذه [كذا] الاستئذان دائر بين أن يكون ناقصا 350 غير مفيد و بين أن يكون لغوا لا حاجة إليه، فيدلّ إمّا على الجهل و قلّة المعرفة أو على الشيد و المكر لأخذ قلوب العوام، كما يقال: يتورّع من سواقط الأوبار و يجرّ الأحمال مع القطار.
السادس عشر:
إنّه كان يتلوّن في الأحكام، حتى روي أنّه قضى في الجدّ بسبعين 351 قضية،
و هذا يدلّ على قلّة علمه، و أنّه كان يحكم بمجرّد الظنّ و التخمين و الحدس من غير ثبت و دليل 352 ، و مثل هذا لا يليق بإمامة المسلمين و رئاسة الدنيا و الدين ..
السابع عشر:
أنّه همّ بإحراق بيت فاطمة عليها السلام 353 ، و قد كان فيه أمير المؤمنين و فاطمة و الحسنان عليهم السلام، و هدّدهم و آذاهم مع أنّ رفعة شأنهم عند اللّه تعالى و عند رسوله (ص) ممّا لا ينكره أحد من البشر 354 إلّا من أنكر ضوء الشمس
و نور القمر، و قد تقدّم 355 القول فيه مستوفى فيما غبر.
الثامن عشر: ما وقع منه في قصّة الشورى،
فقد أبدع فيها أمورا كثيرة:.
منها: أنّه خرج عن النصّ و الاختيار جميعا،
فإنّه قال قاضي القضاة في
المغني 356 : قد ثبت عند كلّ من يقول بالاختيار أنّه إذا حصل العقد من واحد برضا أربعة صار إماما، و اختلفوا فيما عدا ذلك، فلا بدّ فيما يصير به إماما من دليل، فما قارنه الإجماع يجب أن يحكم به.
و حكى 357 عن شيخه أبي علي، أنّه قال: إنّ ما روي عن عمر أنّه قال: إن بايع ثلاثة و خالف اثنان فاقتلوا الاثنين 358 .. من أخبار الآحاد، و لا شيء يقتضي صحّته، فلا يجوز أن يطعن به في الإجماع. فكلامهم صريح في أنّ الإمامة بالاختيار [إنّه] 359 ل ا يكون بأقلّ من خمسة، و قد ثبت عن عمر خلافه.
و منها: أنّه وصف كلّ واحد منهم بوصف زعم أنّه يمنع من الإمامة،
ثم جعل الأمر فيمن له هذه الأوصاف.
وَ قَدْ رَوَى السَّيِّدُ فِي الشَّافِي 360 ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: لَا أَدْرِي مَا أَصْنَعُ بِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ؟. وَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُطْعَنَ-، فَقُلْتُ: وَ لِمَ تَهْتَمُّ وَ أَنْتَ تَجِدُ مَنْ تَسْتَخْلِفُهُ عَلَيْهِمْ؟. قَالَ: أَ صَاحِبُكُمْ يَعْنِي عَلِيّاً؟!-. قُلْتُ: نَعَمْ وَ اللَّهِ، هُوَ لَهَا أَهْلٌ فِي قَرَابَتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ وَ صِهْرِهِ وَ سَابِقَتِهِ وَ بَلَائِهِ؟. قَالَ: إِنَّ فِيهِ بِطَالَةً وَ فُكَاهَةً 361 !. قُلْتُ:
فَأَيْنَ 362 عَنْ طَلْحَةَ؟. قَالَ: فَابْنُ الزَّهْوِ وَ النَّخْوَةِ. قُلْتُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ؟. قَالَ: هُوَ رَجُلٌ صَالِحٌ عَلَى ضَعْفٍ فِيهِ. قُلْتُ: فَسَعْدٌ؟. قَالَ: صَاحِبُ 363 مِقْنَبٍ وَ قِتَالٍ لَا يَقُومُ بِقَرْيَةٍ لَوْ حُمِّلَ أَمْرُهَا. قُلْتُ: فَالزُّبَيْرُ؟. قَالَ: وَعْقَةٌ لَقِسٌ 364 ، مُؤْمِنُ الرِّضَا كَافِرُ 365 الْغَضَبِ، شَحِيحٌ، وَ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَصْلُحُ 366 إِلَّا لِقَوِيٍّ فِي غَيْرِ عُنْفٍ، رَفِيقٍ 367 فِي غَيْرِ ضَعْفٍ، جَوَادٍ 368 فِي غَيْرِ سَرَفٍ. قُلْتُ: فَأَيْنَ أَنْتَ عَنْ عُثْمَانَ 369 ؟.
قَالَ: لَوْ وَلِيَهَا لَحَمَّلَ بَنِي أَبِي مُعَيْطٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ، وَ لَوْ فَعَلَهَا لَقَتَلُوهُ 370 .