کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ الصَّيْرَفِيِّ قَالا مَعاً إِنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ ع كَتَبَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ حُمِلَ هُوَ وَ أَهْلُ بَيْتِهِ يُعَزِّيهِ عَمَّا صَارَ إِلَيْهِ- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِلَى الْخَلَفِ الصَّالِحِ وَ الذُّرِّيَّةِ الطَّيِّبَةِ مِنْ وُلْدِ أَخِيهِ وَ ابْنِ عَمِّهِ أَمَّا بَعْدُ فَلَئِنْ كُنْتَ قَدْ تَفَرَّدْتَ أَنْتَ وَ أَهْلُ بَيْتِكَ مِمَّنْ حُمِلَ مَعَكَ بِمَا أَصَابَكُمْ مَا انْفَرَدْتَ بِالْحُزْنِ وَ الْغَيْظِ وَ الْكَآبَةِ وَ أَلِيمِ وَجَعِ الْقَلْبِ دُونِي فَلَقَدْ نَالَنِي مِنْ ذَلِكَ مِنَ الْجَزَعِ وَ الْقَلَقِ وَ حَرِّ الْمُصِيبَةِ مِثْلُ مَا نَالَكَ وَ لَكِنْ جَرَتْ إِلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ بِهِ الْمُتَّقِينَ مِنَ الصَّبْرِ وَ حُسْنِ الْعَزَاءِ حِينَ يَقُولُ لِنَبِيِّهِ ص وَ اصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا 3571 وَ حِينَ يَقُولُ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَ لا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ 3572 وَ حِينَ يَقُولُ لِنَبِيِّهِ ص حِينَ مُثِّلَ بِحَمْزَةَ- وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَ لَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ 3573 وَ صَبَرَ ص وَ لَمْ يُعَاقِبْ وَ حِينَ يَقُولُ وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها- لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَ الْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى 3574 وَ حِينَ يَقُولُ الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ- أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ 3575 وَ حِينَ يَقُولُ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ 3576 وَ حِينَ يَقُولُ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَ اصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ 3577 وَ حِينَ يَقُولُ عَنْ مُوسَى- قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَ اصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ 3578 وَ حِينَ يَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا
الصَّالِحاتِ وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ 3579 وَ حِينَ يَقُولُ ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَ تَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ 3580 وَ حِينَ يَقُولُ وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ 3581 وَ حِينَ يَقُولُ وَ كَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ما ضَعُفُوا وَ مَا اسْتَكانُوا وَ اللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ 3582 وَ حِينَ يَقُولُ وَ الصَّابِرِينَ وَ الصَّابِراتِ 3583 وَ حِينَ يَقُولُ وَ اصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ 3584 وَ أَمْثَالُ ذَلِكَ مِنَ الْقُرْآنِ كَثِيرٌ وَ اعْلَمْ أَيْ عَمِّ وَ ابْنَ عَمِّ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ جَلَالُهُ لَمْ يُبَالِ بِضُرِّ الدُّنْيَا لِوَلِيِّهِ سَاعَةً قَطُّ وَ لَا شَيْءَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الضُّرِّ وَ الْجَهْدِ وَ الْبَلَاءِ مَعَ الصَّبْرِ وَ أَنَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمْ يُبَالِ بِنَعِيمِ الدُّنْيَا لِعَدُوِّهِ سَاعَةً قَطُّ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ مَا كَانَ أَعْدَاؤُهُ يَقْتُلُونَ أَوْلِيَاءَهُ وَ يُخِيفُونَهُمْ وَ يَمْنَعُونَهُمْ وَ أَعْدَاؤُهُ آمِنُونَ مُطْمَئِنُّونَ عَالُونَ ظَاهِرُونَ قَاهِرُونَ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا قُتِلَ زَكَرِيَّا وَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا ظُلْماً وَ عُدْوَاناً فِي بَغِيٍّ مِنَ الْبَغَايَا وَ لَوْ لَا ذَلِكَ مَا قُتِلَ جَدُّكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ لِمَا قَامَ بِأَمْرِ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ ظُلْماً وَ عَمُّكَ الْحُسَيْنُ بْنُ فَاطِمَةَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا اضْطِهَاداً وَ عُدْوَاناً وَ لَوْ لَا ذَلِكَ مَا قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَ عَزَّ فِي كِتَابِهِ- وَ لَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَ مَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ 3585
وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا قَالَ فِي كِتَابِهِ- أَ يَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَ بَنِينَ- نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ 3586 وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ لَوْ لَا أَنْ يَحْزَنَ الْمُؤْمِنُ لَجَعَلْتُ لِلْكَافِرِ عِصَابَةً مِنْ حَدِيدٍ- لَا يُصَدَّعُ رَأْسُهُ أَبَداً وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الدُّنْيَا لَا تُسَاوِي عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ مَا سَقَى كَافِراً مِنْهَا شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ لَوْ أَنَّ مُؤْمِناً عَلَى قُلَّةِ جَبَلٍ- لَابْتَعَثَ اللَّهُ لَهُ كَافِراً أَوْ مُنَافِقاً يُؤْذِيهِ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ قَوْماً أَوْ أَحَبَّ عَبْداً صَبَّ عَلَيْهِ الْبَلَاءَ صَبّاً فَلَا يَخْرُجُ مِنْ غَمٍّ إِلَّا وَقَعَ فِي غَمٍّ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مَا مِنْ جُرْعَتَيْنِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَجْرَعَهُمَا عَبْدُهُ الْمُؤْمِنُ فِي الدُّنْيَا مِنْ جُرْعَةِ غَيْظٍ كَظَمَ عَلَيْهَا وَ جُرْعَةِ حُزْنٍ عِنْدَ مُصِيبَةٍ صَبَرَ عَلَيْهَا بِحُسْنِ عَزَاءٍ وَ احْتِسَابٍ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَمَا كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ يَدْعُونَ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُمْ بِطُولِ الْعُمُرِ وَ صِحَّةِ الْبَدَنِ وَ كَثْرَةِ الْمَالِ وَ الْوَلَدِ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ مَا بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ إِذَا خَصَّ رَجُلًا بِالتَّرَحُّمِ عَلَيْهِ وَ الِاسْتِغْفَارِ اسْتُشْهِدَ فَعَلَيْكُمْ يَا عَمِّ وَ ابْنَ عَمِّ وَ بَنِي عُمُومَتِي وَ إِخْوَتِي بِالصَّبْرِ وَ الرِّضَا وَ التَّسْلِيمِ وَ التَّفْوِيضِ إِلَى اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ وَ الرِّضَا وَ الصَّبْرِ عَلَى قَضَائِهِ وَ التَّمَسُّكِ بِطَاعَتِهِ وَ النُّزُولِ عِنْدَ أَمْرِهِ أَفْرَغَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَ عَلَيْكُمُ الصَّبْرَ وَ خَتَمَ لَنَا وَ لَكُمْ بِالْأَجْرِ وَ السَّعَادَةِ وَ أَنْقَذَكُمْ وَ إِيَّانَا مِنْ كُلِّ هَلَكَةٍ بِحَوْلِهِ وَ قُوَّتِهِ- إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى صَفْوَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ 3587 .
مسكن الفؤاد، بالسند الأول من السندين مثله.
باب 19 آخر في ذكر صبر الصابرين و الصابرات
1- مسكن الفؤاد، للشهيد الثاني رفع الله درجته قال أسند أبو العباس بن مسروق عن الأوزاعي قال حدثنا بعض الحكماء قال خرجت و أنا أريد الرباط حتى إذا كنت بعريش مصر إذا أنا بمظلة و فيها رجل قد ذهبت عيناه و استرسلت يداه و رجلاه و هو يقول لك الحمد سيدي و مولاي اللهم إني أحمدك حمدا يوافي محامد خلقك كفضلك على سائر خلقك إذ فضلتني على كثير ممن خلقت تفضيلا فقلت و الله لأسألنه أعلمه أو ألهمه إلهاما فدنوت منه و سلم عليه فرد علي السلام فقلت له رحمك الله إني أسألك عن شيء أ تخبرني به أم لا فقال إن كان عندي منه علم أخبرتك به فقلت رحمك الله على أي فضيلة من فضائله تشكره فقال أ و ليس ترى ما قد صنع بي فقلت بلى فقال و الله لو أن الله تبارك و تعالى صب علي نارا تحرقني و أمر الجبال فدمرتني و أمر البحار فغرقتني و أمر الأرض فخسفت بي ما ازددت فيه سبحانه إلا حبا و لا ازددت له إلا شكرا و إن لي إليك حاجة تقضيها لي فقلت نعم قل ما تشاء فقال بني لي كان يتعاهدني أوقات صلاتي و يطعمني عند إفطاري و قد فقدته منذ أمس فانظر هل تجده لي قال فقلت في نفسي إن في قضاء حاجته لقربة إلى الله عز و جل فقمت و خرجت في طلبه حتى إذا صرت بين كثبان الرمال إذا أنا بسبع قد افترس الغلام يأكله فقلت إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ كيف آتي هذا العبد الصالح بخبر ابنه قال فأتيته و سلمت عليه فرد علي السلام فقلت يرحمك الله إن سألتك عن شيء تخبرني به فقال إن كان عندي منه علم أخبرتك به قال
قلت إنك أكرم على الله عز و جل و أقرب منزلة أو نبي الله أيوب صلوات الله و سلامه عليه فقال بل أيوب أكرم على الله تعالى مني و أعظم عند الله منزلة مني فقلت إنه ابتلاه الله تعالى فصبر حتى استوحش منه من كان يأنس به و كان غرضا لمرار الطريق و اعلم أن ابنك الذي أخبرتني به و سألتني أن أطلبه لك افترسه السبع فأعظم الله أجرك فيه فقال الحمد لله الذي لم يجعل في قلبي حسرة من الدنيا ثم شهق شهقة و سقط على وجهه فجلست ساعة ثم حركته فإذا هو ميت فقلت إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ كيف أعمل في أمره و من يعينني على غسله و كفنه و حفر قبره و دفنه فبينما أنا كذلك إذا أنا بركب يريدون الرباط فأشرت إليهم فأقبلوا نحوي حتى وقفوا علي فقالوا ما أنت و ما هذا فأخبرتهم بقصتي فعقلوا رواحلهم و أعانوني حتى غسلناه بماء البحر و كفناه بأثواب كانت معهم و تقدمت فصليت عليه مع الجماعة و دفناه في مظلته و جلست عند قبره آنسا به أقرأ القرآن إلى أن مضى من الليل ساعة فغفوت غفوة فرأيت صاحبي في أحسن صورة و أجمل زي في روضة خضراء عليه ثياب خضر قائما يتلو القرآن فقلت له أ لست بصاحبي قال بلى قلت فما الذي صيرك إلى ما أرى فقال اعلم أنني وردت مع الصابرين لله عز و جل في درجة لم ينالوها إلا بالصبر على البلاء و الشكر عند الرخاء فانتبهت
: وَ رُوِيَ فِي عُيُونِ الْمَجَالِسِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ قَالَ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ يُحِبُّ ابْنَهُ حُبّاً شَدِيداً فَمَرِضَ فَخَافَتْ- أُمُّ سُلَيْمٍ عَلَى أَبِي طَلْحَةَ الْجَزَعَ حِينَ قُرْبِ مَوْتِ الْوَلَدِ فَبَعَثَتْهُ إِلَى النَّبِيِّ ص فَلَمَّا خَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ مِنْ دَارِهِ تُوُفِّيَ الْوَلَدُ فَسَجَّتْهُ أُمُّ سُلَيْمٍ بِثَوْبٍ وَ عَزَلَتْهُ فِي نَاحِيَةٍ مِنَ الْبَيْتِ ثُمَّ تَقَدَّمَتْ إِلَى أَهْلِ بَيْتِهَا وَ قَالَتْ لَهُمْ لَا تُخْبِرُوا أَبَا طَلْحَةَ بِشَيْءٍ ثُمَّ إِنَّهَا صَنَعَتْ طَعَاماً ثُمَّ مَسَّتْ شَيْئاً مِنَ الطِّيبِ فَجَاءَ أَبُو طَلْحَةَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ مَا فَعَلَ ابْنِي فَقَالَتْ لَهُ هَدَأَتْ
نَفْسُهُ ثُمَّ قَالَ هَلْ لَنَا مَا نَأْكُلُ فَقَامَتْ فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ الطَّعَامَ ثُمَّ تَعَرَّضَتْ لَهُ فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَلَمَّا اطْمَأَنَّ قَالَتْ لَهُ يَا أَبَا طَلْحَةَ أَ تَغْضَبُ مِنْ وَدِيعَةٍ كَانَتْ عِنْدَنَا فَرَدَدْنَاهَا إِلَى أَهْلِهَا فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ لَا فَقَالَتِ ابْنُكَ كَانَ عِنْدَنَا وَدِيعَةً فَقَبَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ فَأَنَا أَحَقُّ بِالصَّبْرِ مِنْكِ ثُمَّ قَامَ مِنْ مَكَانِهِ فَاغْتَسَلَ وَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى النَّبِيِّ ص فَأَخْبَرَهُ بِصَنِيعِهَا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص فَبَارَكَ اللَّهُ لَكُمَا فِي وَقْعَتِكُمَا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي أُمَّتِي مِثْلَ صَابِرَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ص مَا كَانَ مِنْ خَبَرِهَا فَقَالَ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ امْرَأَةٌ وَ كَانَ لَهَا زَوْجٌ وَ لَهَا مِنْهُ غُلَامَانِ فَأَمَرَهَا بِطَعَامٍ لِيَدْعُوَ عَلَيْهِ النَّاسَ فَفَعَلَتْ وَ اجْتَمَعَ النَّاسُ فِي دَارِهِ فَانْطَلَقَ الْغُلَامَانِ يَلْعَبَانِ فَوَقَعَا فِي بِئْرٍ كَانَتْ فِي الدَّارِ فَكَرِهَتْ أَنْ تُنَغِّصَ عَلَى زَوْجِهَا الضِّيَافَةَ فَأَدْخَلَتْهُمَا الْبَيْتَ وَ سَجَّتْهُمَا بِثَوْبٍ فَلَمَّا فَرَغُوا دَخَلَ زَوْجُهَا فَقَالَ أَيْنَ ابْنَايَ قَالَتْ هُمَا فِي الْبَيْتِ وَ إِنَّهَا كَانَتْ تَمَسَّحَتْ بِشَيْءٍ مِنَ الطِّيبِ وَ تَعَرَّضَتْ لِلرَّجُلِ حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَ أَيْنَ ابْنَايَ قَالَتْ هُمَا فِي الْبَيْتِ فَنَادَاهُمَا أَبُوهُمَا فَخَرَجَا يَسْعِيَانِ فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ اللَّهِ لَقَدْ كَانَا مَيِّتَيْنِ وَ لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحْيَاهُمَا ثَوَاباً لِصَبْرِي.
و قريب من هذا ما رويناه في دلائل النبوة عن أنس بن مالك قال دخلنا على رجل من الأنصار و هو مريض فلم نبرح حتى قضى فبسطنا عليه ثوبا و أم له عجوز كبيرة عند رأسه فقلنا لها يا هذا احتسبي مصيبتك على الله عز و جل فقالت و مات ابني قلنا نعم قالت حقا تقولون قلنا نعم قال فمدت يدها فقالت اللهم إنك تعلم أني أسلمت لك و هاجرت إلى رسولك رجاء أن تعينني عند كل شدة و رخاء فلا تحمل علي هذه المصيبة اليوم فكشف الثوب عن وجهه ثم ما برحنا حتى طعمنا معه قال قدس سره و هذا الدعاء من المرأة رحمها الله إدلال على الله و استيناس منه يقع للمحبين كثيرا فيقبل دعاءهم و إن كان في التذكير بنحو ذلك