کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
قبل دفنه، و همّهم بإحراق بيتهم، و سوقهم لأمير المؤمنين عليه السلام بأعنف العنف إلى البيعة، و تكذيبه في شهادته، و دعوى المؤاخاة، و تهديده بالقتل و إيذاءه في جميع المواطن، و غصب حقّ فاطمة عليها السلام و تكذيبها و قتل ولدها، و قتل الحسن و الحسين صلوات اللّه عليهما .. من مقتضيات وصيّة نبيّهم صلّى اللّه عليه و آله فيهم؟!!.
و لعمري ما أظنّ عاقلا يرتاب بعد التأمّل فيما جرى في ذلك الزمان في أنّ القول بخلافتهم و خلافته عليه السلام متناقضان، و كيف يرضى عاقل بإمامة إمامين يحكم كلّ منهما بضلال الآخر؟!.
وَ قَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ فِي تَارِيخِهِ 30086 : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَقُولُ يَوْمَ السَّقِيفَةِ: أَيُّهَا النَّاسُ! بَايِعُوا خَلِيفَةَ اللَّهِ، فَإِنَّ مَنْ بَاتَ لَيْلَةً بِغَيْرِ إِمَامٍ كَانَ عَاصِياً، و لا ريب في تخلّفه عليه السلام عن بيعتهم مدّة طويلة كما عرفت.
حكاية ظريفة تناسب المقام:
رَوَى فِي كِتَابِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ 30087 وَ غَيْرِهِ أَنَّ ابْنَ الْجَوْزِيِّ قَالَ يَوْماً عَلَى مِنْبَرِهِ: سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي، فَسَأَلَتْهُ امْرَأَةٌ عَمَّا رُوِيَ أَنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ سَارَ فِي لَيْلَةٍ إِلَى سَلْمَانَ فَجَهَّزَهُ وَ رَجَعَ؟ فَقَالَ: رُوِيَ ذَلِكَ، قَالَتْ: فَعُثْمَانُ ثَمَ 30088 ثَلَاثَةَ أَيَّامِ مَنْبُوذاً فِي الْمَزَابِلِ 30089 وَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَاضِرٌ؟. قَالَ: نَعَمْ. قَالَتْ: فَقَدْ لَزِمَ الْخَطَأُ لِأَحَدِهِمَا. فَقَالَ: إِنْ كُنْتِ خَرَجْتِ مِنْ بَيْتِكِ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِكِ 30090 فَعَلَيْكِ لَعْنَةُ اللَّهِ، وَ إِلَّا فَعَلَيْهِ. فَقَالَتْ: خَرَجَتْ عَائِشَةُ إِلَى حَرْبِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِإِذْنِ النَّبِيِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَوْ لَا؟ فَانْقَطَعَ وَ لَمْ يُحِرْ جَوَاباً.
حكاية أخرى:
قَالَ ابْنُ أَبِي الْحَدِيدِ فِي شَرْحِ النَّهْجِ 30091 : حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَنْبَلِيِّ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ عَالِيَةَ 30092 ، قَالَ: كُنْتُ حَاضِراً عِنْدَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَلِيٍّ الْحَنْبَلِيِّ الْفَقِيهِ- وَ كَانَ مُقَدَّمَ الْحَنَابِلَةِ بِبَغْدَادَ 30093 - إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ مِنَ الْحَنَابِلَةِ قَدْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى بَعْضِ أَهْلِ الْكُوفَةِ، فَانْحَدَرَ إِلَيْهِ يُطَالِبُهُ فِيهِ 30094 ، وَ اتَّفَقَ أَنْ حَضَرَ يَوْمَ زِيَارَةِ الْغَدِيرِ 30095 - وَ الْحَنْبَلِيُّ الْمَذْكُورُ بِالْكُوفَةِ 30096 - وَ يَجْتَمِعُ بِمَشْهَدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الْخَلَائِقِ جُمُوعٌ عَظِيمَةٌ تَتَجَاوَزُ حَدَّ الْإِحْصَاءِ.
قَالَ ابْنُ عَالِيَةَ: فَجَعَلَ الشَّيْخُ إِسْمَاعِيلُ يُسَائِلُ ذَلِكَ الرَّجُلَ مَا فَعَلْتَ ..؟
مَا رَأَيْتَ ..؟ هَلْ وَصَلَ مَالُكَ إِلَيْكَ ..؟ هَلْ بَقِيَ 30097 مِنْهُ بَقِيَّةٌ عِنْدَ غَرِيمِكَ ..؟
وَ ذَلِكَ الرَّجُلُ يُجَاوِبُهُ، حَتَّى قَالَ لَهُ: يَا سَيِّدِي لَوْ شَاهَدْتَ يَوْمَ الزِّيَارَةِ يَوْمَ الْغَدِيرِ، وَ مَا يَجْرِي عِنْدَ قَبْرِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِنَ الْفَضَائِحِ وَ الْأَقْوَالِ الشَّنِيعَةِ، وَ سَبِّ الصَّحَابَةِ جِهَاراً 30098 مِنْ غَيْرِ مُرَاقَبَةٍ وَ لَا خِيفَةٍ.
فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ: أَيُّ ذَنْبٍ لَهُمْ، وَ اللَّهِ مَا جَرَّأَهُمْ 30099 عَلَى ذَلِكَ وَ لَا فَتَحَ لَهُمْ هَذَا الْبَابَ إِلَّا صَاحِبُ ذَلِكَ الْقَبْرِ. فَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ: وَ مَنْ هُوَ صَاحِبُ الْقَبْرِ؟.
قَالَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. قَالَ: يَا سَيِّدِي! هُوَ الَّذِي سَنَّ لَهُمْ ذَلِكَ وَ عَلَّمَهُمْ إِيَّاهُ وَ طَرَّقَهُمْ إِلَيْهِ؟!. قَالَ: نَعَمْ وَ اللَّهِ. قَالَ: يَا سَيِّدِي! فَإِنْ كَانَ مُحِقّاً فَمَا لَنَا نَتَوَلَّى فُلَاناً وَ فُلَاناً، وَ إِنْ كَانَ مُبْطِلًا فَمَا لَنَا نَتَوَلَّاهُ! يَنْبَغِي أَنْ نَبْرَأَ إِمَّا مِنْهُ أَوْ مِنْهُمَا.
قَالَ ابْنُ عَالِيَةَ: فَقَامَ إِسْمَاعِيلُ مُسْرِعاً فَلَبِسَ نَعْلَيْهِ وَ قَالَ: لَعَنَ اللَّهُ إِسْمَاعِيلَ الْفَاعِلَ بْنَ الْفَاعِلِ 30100 إِنْ كَانَ يَعْرِفُ جَوَابَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَ دَخَلَ دَارَ حَرَمِهِ، وَ قُمْنَا نَحْنُ فَانْصَرَفْنَا.
الرابع:
أنّ إيذاءه و غصب حقّه عليه السلام على الوجه الذي يكشف تظّلماته عنه لا ريب في أنّه تخلّف عن أهل البيت الذين أذهب اللّه 30101 عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا، و الروايات من الجانبين متواطئة على أنّ المتخلّف عنهم هالك 30102 ، و أنّهم سفينة النجاة، 30103 و سيأتي في بابه نقلا من كتبهم المعتبرة كالمشكاة و فضائل السمعاني و غيرهما.
68- وَ قَالَ الْعَلَّامَةُ قُدِّسَ سِرُّهُ فِي كَشْفِ الْحَقِ 30104 : رَوَى الزَّمَخْشَرِيُ 30105 وَ كَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عِنَاداً لِأَهْلِ الْبَيْتِ (ع) وَ هُوَ الثِّقَةُ الْمَأْمُونُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ بِإِسْنَادِهِ قَالَ 30106 : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَ آلِهِ]: فَاطِمَةُ مُهْجَةُ قَلْبِي وَ ابْنَاهَا ثَمَرَةُ فُؤَادِي، وَ بَعْلُهَا نُورُ بَصَرِي، وَ الْأَئِمَّةُ مِنْ وُلْدِهَا أُمَنَاءُ رَبِّي، وَ حَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ خَلْقِهِ، مَنِ اعْتَصَمَ بِهِمْ نَجَا، وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُمْ هَوَى 30107 .
تتميم:
ينبغي أن يعلم أنّ من أقوى الحجج على خلفائهم الثلاثة إنكار أئمّتنا عليهم السلام لهم، و قولهم فيهم بأنّهم على الباطل، لاعتراف جمهور علماء أهل الخلاف بفضلهم و علوّ درجتهم، و لو وجدوا سبيلا إلى القدح فيهم و الطعن عليهم لسارعوا إلى ذلك مكافاة الطعن 30108 الشيعة في أئمّتهم، و ذلك من فضل اللّه تعالى على أئمّتنا صلوات اللّه عليهم، حيث أذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا، حتى أنّ الناصب المعاند اللغوي الشهرستاني قال في مفتتح شرح كتاب كشف الحق 30109 بعد ما بالغ في ذمّ المصنّف قدّس اللّه روحه-: و من الغرائب أنّ ذلك الرجل و أمثاله ينسبون مذهبهم إلى الأئمّة الاثني عشر رضوان اللّه عليهم أجمعين و هم صدور إيوان الاصطفاء، و بدور سماء الاجتباء، و مفاتيح أبواب الكرم، و مجاريح 30110 هواطل 30111 النعم، و ليوث غياض 30112 البسالة، و غيوث رياض الأيالة 30113 ، و سبّاق مضامير السماحة، و خزّان نفوذ 30114 الرجاحة، و الأعلام الشوامخ في الإرشاد و الهداية، و الجبال الرواسخ في الفهم و الدراية ..
ثم ذكر 30115 . أبياتا أنشدها في مدحهم، ثم ذكر أنّ الأئمّة عليهم السلام كانوا يثنون على الصحابة، و استشهد برواية نقلها من كتاب كشف الغمّة، و زعم أنّ الباقر عليه السلام سمى فيها أبا بكر: صدّيقا 30116 .
69- وَ قَالَ صَاحِبُ إِحْقَاقِ الْحَقِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ الْحِكَايَةَ عَنْ كَشْفِ الْغُمَّةِ افْتِرَاءٌ عَلَى صَاحِبِهِ، وَ لَيْسَ فِيهِ مِنَ الرِّوَايَةِ عَيْنٌ وَ لَا أَثَرٌ 30117 ..
ثُمَّ نَقَلَ عَنِ الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ قَوْلَ الصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَلَدَنِي أَبُو بَكْرٍ مَرَّتَيْنِ 30118 .
، وَ زَادَ فِيهِ لَفْظاً: الصِّدِّيقَ.
و لا يرتاب عاقل في أنّ القول بأنّ أئمّتنا سلام اللّه عليهم كانوا يرون خلافتهم حقّا من الخرافات الواهية التي لا يقبلها و لا يصغي إليها من له أدنى حظّ من العقل و الإنصاف، و لو أمكن القول بذلك لأمكن إنكار جميع المتواترات و الضروريات، و لجاز لليهودي أن يدّعي أنّ عيسى عليه السلام لم يدع النبوّة بل كان يأمر الناس بالتهوّد، و للنصرانيّ أن يقول مثل ذلك في نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله، و بعد ثبوت كون أهل البيت عليهم السلام ذاهبين إلى بطلان خلافتهم، و إلى أنّهم كانوا ضالّين مضلّين، ثبت بطلان خلافتهم بالإجماع منّا و من الجمهور، إذ لم يقل أحد من الفريقين بضلال أهل البيت عليهم السلام سيّما في مسألة الإمامة، و إذا ثبت بطلانهم ثبت خلافة أمير المؤمنين عليه السلام بالإجماع أيضا منّا و منهم، بل باتّفاق جميع المسلمين.
و أمّا ما حكي من القول بخلافة العباس فقد صرّح جماعة من أهل السير بأنّه ممّا وضعه الجاحظ تقرّبا إلى العباسيّين و لم يقل به أحد قبل زمانهم، و مع ذلك فقد انقرض القائلون به و لم يبق منهم أحد، فتحقّق الإجماع على ما ادّعيناه بعدهم.
و يدلّ على بطلانه- أيضا- ما وعده اللّه على لسان رسوله صلّى اللّه عليه و آله من بقاء الحقّ إلى يوم الدين 30119 ، كما هو المسلّم بيننا و بين المخالفين.
الفهرس
الموضوع/ الصفحه
الباب الخامس احتجاج أمير المؤمنين عليه السلام على أبي بكر و غيره في أمر البيعة 3
الباب السادس منازعة أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه العباس في الميراث 67
الباب السابع نوادر الاحتجاج على أبي بكر 77
الباب الثامن احتجاج سلمان و أبيّ بن كعب و غيرهما على القوم 79
الباب التاسع ما كتب أبو بكر إلى جماعة يدعوهم إلى البيعة و فيه بعض أحوال أبي قحافة 91
الباب العاشر إقرار أبي بكر بفضل أمير المؤمنين و خلافته بعد الغصب 99
الباب الحادي العشر نزول الآيات في أمر فدك و قصصه و جوامع الاحتجاج فيه و فيه قصّة خالد و عزمه على قتل أمير المؤمنين عليه السلام بأمر المنافقين 105
فصل: نورد فيه خطبة خطبتهاسيّدة النساء فاطمة الزهراء صلوات اللّه عليها احتجّت بها على من غصب فدك منها. 215
فصل: في الكلام على ما يستفاد من أخبار الباب و التنبيه على ما ينتفع به طالب الحقّ و الصواب و هو مشتمل على فوائد 335
الأولى: في عصمة الزهراء سلام اللّه عليها 335
الثانية: أنّها سلام اللّه عليها محقّة في دعوى فدك 342
الثالثة: فدك نحلة للزهراء عليها السلام ظلمت بمنعها 346
الرابعة: بطلان دعوى أبي بكر من عدم توريث الأنبياء 351