کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
المخالفين.
قوله عليه السلام: فيهم كرائم القرآن ..
ضمير الجمع راجع إلى آل محمّد عليهم السلام الذين عناهم عليه السلام بقوله: نحن الشعار، و المراد بكرائم القرآن: مدائحهم التي ذكرها اللَّه فيه، أو علومه المخزونة عندهم، و هم كنوز الرحمن .. أي خزائن علومه و حكمه و قربه.
قوله عليه السلام: لم يسبقوا ..
أي ليس صمتهم عن عيّ و عجز حتى يسبقهم أحد، بل لمحض الحكمة.
قوله عليه السلام: فليصدق رائد أهله ..
يحتمل أن يكون المراد بالرائد الإنسان نفسه، فإنّه كالرائد لنفسه في الدنيا يطلب فيه لآخرته ماء و مرعى .. أي لينصح نفسه و لا يغشّها بالتسويف و التعليل، أو المعنى ليصدق كلّ منكم أهله و عشيرته و من يعنيه أمره، و ليبلّغهم ما عرف من فضلنا و علوّ درجتنا 29725 .
قوله: فإنّه منها قدم ..
لخلق روحه قبل بدنه من عالم الملكوت، أو لخروج أبيهم من الجنّة.
و قيل: الآخرة: الحضرة الإلهيّة التي منها مبدأ الخلق و إليها معادهم.
فالناظر بالقلب .. أي من لا يقتصر في نظره على ظواهر الأمور.
العامل بالبصر .. أي من يعمل بما يبصر بعين بصيرة .. أي إذا علم الحقّ لا يتعدّاه.
و يروى: العالم بالبصر .. أي من كان إبصاره سببا لعلمه.
قوله عليه السلام: و اعلم أنّ لكلّ ظاهر باطنا.
أقول: قد يتوهّم التنافي بين هاتين الكلمتين و بين الخبر المرويّ ظاهرا، و يخطر بالبال دفعه بوجوه:
الأوّل: أن يكون الخبر في قوّة الاستثناء لبيان أنّ المقدّمتين ليستا كليّتين، بل هما لبيان الغالب، و قد يتخلّف كما ورد في الخبر.
الثاني: أن يكون الخبر استشهادا للمقدّمتين، و بيانه إنّ العمل ظاهرا و باطنا، و للشخص ظاهرا و باطنا، و ظاهر الشخص مطابق لباطنه، و لذا يحبّ اللَّه ظاهر الشخص لما يعلم من حسن باطنه و عاقبته، و يبغض ظاهر الشخص إذا علم سوء باطنه و رداءة عاقبته.
الثالث: أن يكون المراد أنّه لا يمكن أن لا يظهر سوء الباطن من الأخلاق الرديّة و الاعتقادات الباطلة و الطينات الفاسدة و إن كان في آخر العمر، و لا حسن الباطن من الأخلاق الحسنة و الاعتقادات 29726 الحقّة و الطينات الطيّبة، فالذي يحبّه اللَّه و يبغض عمله ينقلب حاله في آخر العمر و يظهر منه حسن العقائد و الأعمال، و كذا العكس، فظهر أنّ حسن الباطن و الظاهر متطابقان 29727 و كذا سوؤهما، و لعلّ ما يذكر بعده يؤيّد هذا الوجه في الجملة.
الرابع: ما ذكره ابن أبي الحديد 29728 ، حيث قال: هو مشتقّ من قوله تعالى:
وَ الْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ 29729 ، و المعنى إنّ لكلتا 29730 حالتي الإنسان الظاهرة أمرا باطنا يناسبها من أحواله، و الحالتان الظاهرتان: ميله إلى العقل و ميله إلى الهوى، فالمتّبع لعقله 29731 يرزق السعادة و الفوز، فهذا هو الذي طاب ظاهره و طاب باطنه، و المتّبع لمقتضى هواه .. يرزق الشقاوة و العطب، و هذا هو الذي خبث ظاهره و خبث باطنه.
الخامس: ما قيل: إنّ المراد بطيب الظاهر حسن الصورة و الهيئة و بخبثه قبحهما، و قال: هما يدلّان على حسن الباطن و قبحه، و حمل خبث العبد مع قبح الفعل على ما إذا كان مع حسن الصورة و الآخر على ما إذا كان مع قبح الصورة. 29732
لا يخفى بعد 29733 و لعلّ 29734 الأوّل أظهر الوجوه.
و أمرّت .. أي صارت مرّا 29735 ..
21- نهج 29736 : مِنْ كَلَامٍ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ قَدْ قَالَ لِي قَائِلٌ 29737 : إِنَّكَ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ لَحَرِيصٌ!! فَقُلْتُ: بَلْ أَنْتُمْ وَ اللَّهِ أَحْرَصُ 29738 وَ أَبْعَدُ، وَ أَنَا أَخَصُّ وَ أَقْرَبُ، وَ إِنَّمَا طَلَبْتُ حَقّاً لِي وَ أَنْتُمْ تَحُولُونَ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ، وَ تَضْرِبُونَ وَجْهِي دُونَهُ. فَلَمَّا قَرَّعْتُهُ بِالْحُجَّةِ فِي الْمَلَإِ الْحَاضِرِينَ بُهِتَ لَا يَدْرِي 29739 مَا يُجِيبُنِي بِهِ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَعْدِيكَ 29740 عَلَى قُرَيْشٍ وَ مَنْ أَعَانَهُمْ! فَإِنَّهُمْ قَطَعُوا رَحِمِي، وَ صَغَّرُوا عَظِيمَ مَنْزِلَتِيَ، وَ أَجْمَعُوا عَلَى مُنَازَعَتِي أَمْراً هُوَ لِي، ثُمَّ قَالُوا: أَلَا إِنَّ فِي الْحَقِّ أَنْ نَأْخُذَهُ 29741 وَ فِي الْحَقِّ أَنْ تَتْرُكَهُ.
بيان:
قال ابن أبي الحديد 29742 : هذا الفصل من خطبة يذكر فيها أمر الشورى 29743 ، و الذي قال له: إنّك على هذا الأمر لحريص! هو سعد بن أبي وقّاص مع روايته فيه:
(أنت منّي بمنزلة هارون من موسى) 29744 .
، و هذا عجيب 29745 ، و قد رواه الناس كافّة.
و قالت الإماميّة: هذا الكلام كان يوم السقيفة، و القائل 29746 أبو عبيدة بن الجرّاح.
و قرعته بالحجّة: صدمته بها 29747 .
قوله عليه السلام: بهت .. في بعض النسخ: هبّ .. أي استيقظ 29748 .
و قال الجوهري: العدوى: طلبك إلى وال ليعديك على من ظلمك .. أي ينتقم منه، يقال: استعديت على فلان الأمير فأعداني: استعنت به 29749 فأعانني عليه 29750 .
فإنّهم قطعوا رحمي .. لأنّهم لم يراعوا قربه عليه السلام من رسول اللَّه صلّى
اللَّه عليه و آله أو منهم، أو الأعمّ.
ألا إنّ في الحقّ أن 29751 نأخذه- بالنون- و في الحقّ أن تتركه- بالتاء- .. أي إنّهم لم يقصّروا على أخذ حقّي ساكتين عن دعوى كونه حقّا لهم، و لكنّهم أخذوه مع دعواهم أنّ الحقّ لهم، و أنّه يجب عليّ أن أترك المنازعة فيه، فليتهم أخذوا معترفين بأنّه حقّ لي، فكانت المصيبة أهون.
و روي بالنون فيهما 29752 ، فالمعنى إنّا نتصرّف فيه كما نشاء بالأخذ و الترك دونك.
و في بعض النسخ فيهما بالتاء 29753 .. أي يعترفون أنّ الحقّ لي ثم يدّعون أنّ الغاصب أيضا على الحقّ، أو يقولون لك الاختيار في الأخذ و الترك، و كذا في الرواية الأخرى قرئ بالنون و بالتاء 29754 .
و قال القطب الراوندي: إنّها في خطّ الرضي رضي اللَّه عنه بالتاء 29755 .. أي إن وليت كانت ولايتك حقّا، و إن ولي غيرك كانت حقّا على مذهب أهل الاجتهاد ..
22- نهج 29756 : وَ مِنْ كَلَامٍ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَعْدِيكَ عَلَى قُرَيْشٍ 29757 فَإِنَّهُمْ قَدْ قَطَعُوا رَحِمِي، وَ أَكْفَئُوا إِنَائِي، وَ أَجْمَعُوا عَلَى مُنَازَعَتِي حَقّاً كُنْتُ
أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِي، وَ قَالُوا: أَلَا إِنَّ فِي الْحَقِّ أَنْ نَأْخُذَهُ 29758 وَ فِي الْحَقِّ أَنْ نَمْنَعَهُ 29759 ، فَاصْبِرْ مَغْمُوماً أَوْ مُتْ مُتَأَسِّفاً، فَنَظَرْتُ فَإِذَا لَيْسَ لِي رَافِدٌ وَ لَا ذَابٌّ وَ لَا مُسَاعِدٌ إِلَّا أَهْلُ بَيْتِي، فَضَنِنْتُ بِهِمْ عَنِ الْمَنِيَّةِ، فَأَغْضَيْتُ 29760 عَلَى الْقَذَى، وَ جَرِعْتُ رِيقِي عَلَى الشَّجَا، وَ صَبَرْتُ مِنْ كَظْمِ الْغَيْظِ عَلَى أَمَرَّ مِنَ الْعَلْقَمِ، وَ أَلَمَّ لِلْقَلْبِ مِنْ حَزِّ الشِّفَارِ.
بيان:
قال الجوهري: كفأت الإناء: كببته و قلبته، فهو مكفوء. و زعم ابن الأعرابي أنّ أكفأته لغة 29761 ، و يروى: كفّوا- بدون الهمزة- و هو أفصح.
و قال الجوهري: رفدته أرفده رفدا: .. إذا أعنته ..، و الإرفاد ...
الإعانة 29762 .
و قال: الذّبّ: الدّفع و المنع 29763 .
و قال: ضننت بالشّيء ..: بخلت به ... و قال الفرّاء: ضننت- بالفتح- ..
لغة فيه 29764 .
و الإغضاء: أدناء الجفون 29765 ، و القذى في العين: ما يسقط فيها فيؤذيها 29766 .
و الشّجا: ما ينشب في الحلق من عظم و غيره 29767 .
و العلقم: شجر مرّ، و يقال للحنظل، و كلّ شيء مرّ: علقم 29768 .
و الحزّ: القطع، حزّه و احتزّه: قطعه 29769 .
و الشّفرة- بالفتح- السّكّين العظيم، و الجمع شفار 29770 ..
23- نهج 29771 : مِنْ كَلَامِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَا عَجَبَاهْ أَ تَكُونُ الْخِلَافَةُ بِالصَّحَابَةِ وَ لَا تَكُونُ بِالصَّحَابَةِ 29772 وَ الْقَرَابَةِ؟!.
قَالَ السَّيِّدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَ رُوِيَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ شِعْرٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى، وَ هُوَ قَوْلُهُ:
فَإِنْ كُنْتَ بِالشُّورَى مَلَكْتَ أُمُورَهُمْ
فَكَيْفَ بِهَذَا وَ الْمُشِيرُونَ غُيَّبٌ
وَ إِنْ كُنْتَ بِالْقُرْبَى حَجَجْتَ خَصِيمَهُمْ
فَغَيْرُكَ أَوْلَى بِالنَّبِيِّ وَ أَقْرَبُ .
بيان: قوله عليه السلام: فكيف بهذا .. أي كيف تملكها بهذا.
قوله عليه السلام: خصيمهم .. أي من كان خصما لك منهم في دعوى الخلافة.