کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
أُذَيْنَةَ عَنْ بُرَيْدٍ الْعِجْلِيِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ الصَّوَاعِقَ لَا تُصِيبُ ذَاكِراً قُلْتُ وَ مَا الذَّاكِرُ قَالَ مَنْ قَرَأَ مِائَةَ آيَةٍ 9215 .
35- وَ مِنْهُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ عَنْ وَهْبِ 9216 بْنِ حَفْصٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ مِيتَةِ الْمُؤْمِنِ قَالَ يَمُوتُ الْمُؤْمِنُ بِكُلِّ مِيتَةٍ يَمُوتُ غَرَقاً وَ يَمُوتُ بِالْهَدْمِ وَ يُبْتَلَى بِالسَّبُعِ وَ يَمُوتُ بِالصَّاعِقَةِ وَ لَا تُصِيبُ ذَاكِراً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَ 9217 .
36- تَوْحِيدُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ قَالَ الصَّادِقُ ع فَكِّرْ يَا مُفَضَّلُ فِي الصَّحْوِ وَ الْمَطَرِ كَيْفَ يَعْتَقِبَانِ عَلَى هَذَا الْعَالَمِ لِمَا فِيهِ صَلَاحُهُ وَ لَوْ دَامَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَيْهِ كَانَ فِي ذَلِكَ فَسَادُهُ أَ لَا تَرَى أَنَّ الْأَمْطَارَ إِذَا تَوَالَتْ عَفِنَتِ الْبُقُولُ وَ الْخُضَرُ وَ اسْتَرْخَتْ أَبْدَانُ الْحَيَوَانِ وَ خَصِرَ الْهَوَاءُ فَأَحْدَثَ ضُرُوباً مِنَ الْأَمْرَاضِ وَ فَسَدَتِ الطُّرُقُ وَ الْمَسَالِكُ وَ إِنَّ الصَّحْوَ إِذَا دَامَ جَفَّتِ الْأَرْضُ وَ احْتَرَقَ النَّبَاتُ وَ غِيضَ مَاءُ الْعُيُونِ وَ الْأَوْدِيَةِ فَأَضَرَّ ذَلِكَ بِالنَّاسِ وَ غَلَبَ الْيُبْسُ عَلَى الْهَوَاءِ فَأَحْدَثَ ضُرُوباً أُخْرَى مِنَ الْأَمْرَاضِ فَإِذَا تَعَاقَبَا عَلَى الْعَالَمِ هَذَا التَّعَاقُبَ اعْتَدَلَ الْهَوَاءُ وَ دَفَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَادِيَةَ الْأُخْرَى فَصَلَحَتِ الْأَشْيَاءُ وَ اسْتَقَامَتْ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ وَ لِمَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَضَرَّةٌ الْبَتَّةَ قِيلَ لَهُ لِيَمُضَّ ذَلِكَ الْإِنْسَانَ وَ يُؤْلِمَهُ بَعْضَ الْأَلَمِ فَيَرْعَوِيَ عَنِ الْمَعَاصِي فَكَمَا أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا سَقُمَ بَدَنُهُ احْتَاجَ إِلَى الْأَدْوِيَةِ الْمُرَّةِ الْبَشِعَةِ لِيَقُومَ طِبَاعُهُ وَ يَصْلُحَ مَا فَسَدَ مِنْهُ كَذَلِكَ إِذَا طَغَى وَ أَشِرَ احْتَاجَ إِلَى مَا يَعَضُّهُ وَ يُؤْلِمُهُ لِيَرْعَوِيَ وَ يَقْصُرَ عَنْ مَسَاوِيهِ وَ يَتَنَبَّهَ عَلَى مَا فِيهِ حَظُّهُ وَ رُشْدُهُ وَ لَوْ أَنَّ مَلِكاً مِنَ الْمُلُوكِ قَسَمَ فِي أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ قَنَاطِيرَ مِنْ ذَهَبٍ وَ فِضَّةٍ أَ لَمْ يَكُنْ سَيَعْظُمُ عِنْدَهُمْ وَ يَذْهَبُ لَهُ بِهِ الصَّوْتُ فَأَيْنَ هَذَا مِنْ مَطْرَةٍ رَوَاءٍ إِذْ يُعْمَرُ بِهِ الْبِلَادُ
وَ يَزِيدُ فِي الْغَلَّاتِ أَكْثَرَ مِنْ قَنَاطِيرِ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ فِي أَقَالِيمِ الْأَرْضِ كُلِّهَا أَ فَلَا تَرَى الْمَطْرَةَ الْوَاحِدَةَ مَا أَكْبَرَ قَدْرَهَا وَ أَعْظَمَ النِّعْمَةَ عَلَى النَّاسِ فِيهَا وَ هُمْ عَنْهَا سَاهُونَ وَ رُبَّمَا عَاقَتْ عَنْ أَحَدِهِمْ حَاجَةٌ لَا قَدْرَ لَهَا فَيَذْمُرُ وَ يَسْخَطُ إِيثَاراً لِلْخَسِيسِ قَدْرُهُ عَلَى الْعَظِيمِ نَفْعُهُ جَهْلًا بِمَحْمُودِ الْعَاقِبَةِ وَ قِلَّةَ مَعْرِفَةٍ لِعَظِيمِ الْغَنَاءِ وَ الْمَنْفَعَةِ فِيهَا تَأَمَّلْ نُزُولَهُ عَلَى الْأَرْضِ وَ تَدَبَّرْ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ جُعِلَ يَنْحَدِرُ عَلَيْهَا مِنْ عُلْوٍ لِيَغْشَى مَا غَلُظَ وَ ارْتَفَعَ مِنْهَا فَيُرْوِيَهُ وَ لَوْ كَانَ إِنَّمَا يَأْتِيهَا مِنْ بَعْضِ نَوَاحِيهَا لَمَا عَلَا الْمَوْضِعَ الْمُشْرِفَةَ مِنْهَا وَ لَقَلَّ مَا يُزْرَعُ فِي الْأَرْضِ أَ لَا تَرَى أَنَّ الَّذِي يُزْرَعُ سَيْحاً أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ فَالْأَمْطَارُ هِيَ الَّتِي تُطْبِقُ الْأَرْضَ وَ رُبَّمَا تُزْرَعُ هَذِهِ الْبَرَارِي الْوَاسِعَةُ وَ سُفُوحُ الْجِبَالِ وَ ذُرَاهَا فَتُغِلُّ الْغَلَّةَ الْكَثِيرَةَ وَ بِهَا يَسْقُطُ عَنِ النَّاسِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْبُلْدَانِ مَئُونَةُ سِيَاقِ الْمَاءِ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ وَ مَا يَجْرِي فِي ذَلِكَ بَيْنَهُمْ مِنَ التَّشَاجُرِ وَ التَّظَالُمِ حَتَّى يَسْتَأْثِرَ بِالْمَاءِ ذُو الْعِزَّةِ وَ الْقُوَّةِ وَ يَحْرِمَهُ الضُّعَفَاءَ ثُمَّ إِنَّهُ حِينَ قَدَّرَ أَنْ يَنْحَدِرَ عَلَى الْأَرْضِ انْحِدَاراً جَعَلَ ذَلِكَ قَطْراً شَبِيهاً بِالرَّشِّ لِيَغُورَ فِي قَعْرِ الْأَرْضِ فَيُرْوِيَهَا وَ لَوْ كَانَ يَسْكُبُهُ انْسِكَاباً كَانَ يَنْزِلُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَلَا يَغُورُ فِيهَا ثُمَّ كَانَ يَحْطِمُ الزَّرْعَ الْقَائِمَةَ إِذَا انْدَفَقَ عَلَيْهَا فَصَارَ يَنْزِلُ نُزُولًا رَقِيقاً فَيُنْبِتُ الْحَبَّ وَ الْمَزْرُوعَ وَ يُحْيِي الْأَرْضَ وَ الزَّرْعَ الْقَائِمَ وَ فِي نُزُولِهِ أَيْضاً مَصَالِحُ أُخْرَى فَإِنَّهُ يُلَيِّنُ الْأَبْدَانَ وَ يَجْلُو كَدَرَ الْهَوَاءِ فَيَرْتَفِعُ الْوَبَاءُ الْحَادِثُ مِنْ ذَلِكَ وَ يَغْسِلُ مَا يَسْقُطُ عَلَى الشَّجَرِ وَ الزَّرْعِ مِنَ الدَّاءِ الْمُسَمَّى الْيَرَقَانَ إِلَى أَشْبَاهِ هَذَا مِنَ الْمَنَافِعِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ أَ وَ لَيْسَ قَدْ يَكُونُ مِنْهُ فِي بَعْضِ السِّنِينَ الضَّرَرُ الْعَظِيمُ الْكَثِيرُ لِشِدَّةِ مَا يَقَعُ مِنْهُ أَوْ بَرَدٍ يَكُونُ فِيهِ تَحَطُّمُ الْغَلَّاتِ وَ بَخُورَةٍ يُحْدِثُهَا فِي الْهَوَاءِ فَيَتَوَلَّدُ كَثِيرٌ مِنَ الْأَمْرَاضِ فِي الْأَبْدَانِ وَ الْآفَاتِ فِي الْغَلَّاتِ قِيلَ بَلَى قَدْ يَكُونُ ذَلِكَ الْفَرْطُ لِمَا فِيهِ مِنْ صَلَاحِ الْإِنْسَانِ وَ كَفِّهِ عَنْ رُكُوبِ الْمَعَاصِي وَ التَّمَادِي فِيهَا فَيَكُونُ الْمَنْفَعَةُ فِيهَا يُصْلِحُ لَهُ مِنْ دِينِهِ أَرْجَحَ مِمَّا عَسَى أَنْ يُرْزَأَ فِي مَالِهِ.
بيان يعتقبان أي يأتي كل منهما عقيب صاحبه و خصر الهواء
بكسر الصاد المهملة يقال خصر يومنا أي اشتد برده و ماء خاصر بارد و في أكثر النسخ بالحاء المهملة و السين من حسر أي كل و هو لا يستقيم إلا بتكلف و تجوز و في بعضها بالخاء المعجمة و الثاء المثلثة من قولهم خثر إذا غلظ و البشع الكريه المطعم الذي يأخذ بالحلق و القنطار معيار و يروى أنه ألف و مائتا أوقية و يقال هو مائة و عشرون رطلا و يقال هو ملء مسك الثور ذهبا قوله ع و يذهب له به الصوت أي يملأ صيت كرمه و جوده الآفاق و الذمر الملامة و التهدد و الحطم الكسر و الاندفاق الانصباب و اليرقان آفة للزرع و قوله مما عسى أن يرزأ من الرزء المصيبة.
37- الدُّرُّ الْمَنْثُورُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: السَّحَابُ الْأَسْوَدُ فِيهِ الْمَطَرُ وَ الْأَبْيَضُ فِيهِ النَّدَى وَ هُوَ الَّذِي يُنْضِجُ الثِّمَارَ 9218 .
38- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا مِنْ عَامٍ بِأَقَلَّ مَطَراً مِنْ عَامٍ وَ لَكِنَّ اللَّهَ يَصْرِفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ وَ لَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا الْآيَةَ 9219 .
39- وَ عَنْ عُمَرَ مَوْلَى عُفْرَةَ قَالَ: سَأَلَ النَّبِيُّ ص جَبْرَئِيلَ فَقَالَ إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَعْلَمَ أَمْرَ السَّحَابِ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ هَذَا مَلَكُ السَّحَابِ فَاسْأَلْهُ فَقَالَ تَأْتِينَا صِكَاكٌ مُخَتَّمَةٌ اسْقِ بِلَادَ كَذَا وَ كَذَا كَذَا وَ كَذَا قَطْرَةً 9220 .
40- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِذَا رُمِيَ الشِّهَابُ لَمْ يُخْطِ مَنْ رُمِيَ بِهِ وَ تَلَا فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ 9221 .
41- وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ قَالَ: لَا يُقْتَلُونَ بِالشِّهَابِ وَ لَا يَمُوتُونَ وَ لَكِنَّهَا تَخْرِقُ وَ تَخْرُجُ مِنْ غَيْرِ قَتْلٍ 9222 .
42- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا أَرْسَلَ اللَّهُ شَيْئاً مِنْ رِيحٍ أَوْ مَاءٍ إِلَّا بِمِكْيَالٍ
إِلَّا يَوْمَ نُوحٍ وَ يَوْمَ عَادٍ فَأَمَّا يَوْمُ نُوحٍ فَإِنَّ الْمَاءَ طَغَى عَلَى خُزَّانِهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَلَيْهِ سَبِيلٌ ثُمَّ قَرَأَ إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ وَ أَمَّا يَوْمُ عَادٍ فَإِنَّ الرِّيحَ عَتَتْ عَلَى خُزَّانِهَا فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَلَيْهَا سَبِيلٌ ثُمَّ قَرَأَ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ .
وَ عَنْ عَلِيٍّ ع مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ لَمْ تَنْزِلْ قَطْرَةٌ مِنْ مَاءٍ إِلَّا بِمِكْيَالٍ عَلَى يَدِ مَلَكٍ 9223 .
43- وَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص جَالِساً فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَرُمِيَ بِنَجْمِ فَاسْتَنَارَ قَالَ مَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ إِذَا كَانَ هَذَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالُوا كُنَّا نَقُولُ يُولَدُ عَظِيمٌ أَوْ يَمُوتُ عَظِيمٌ قَالَ فَإِنَّهَا لَا يُرْمَى بِهَا لِمَوْتِ أَحَدٍ وَ لَا لِحَيَاتِهِ وَ لَكِنْ رَبُّنَا إِذَا قَضَى أَمْراً سَبَّحَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ ثُمَّ يُسَبِّحُ أَهْلُ السَّمَاءِ الَّذِينَ يَلُونَ حَمَلَةَ الْعَرْشِ فَيَقُولُ الَّذِينَ يَلُونَ حَمَلَةَ الْعَرْشِ لِحَمَلَةِ الْعَرْشِ مَا ذَا قَالَ رَبُّكُمْ فَيُخْبِرُ أَهْلَ كُلِّ سَمَاءٍ سَمَاءٍ حَتَّى يَنْتَهِيَ الْخَبَرُ إِلَى أَهْلِ هَذِهِ السَّمَاءِ وَ تَخْطَفُ الْجِنُّ السَّمْعَ فَيُرْمَوْنَ فَمَا جَاءُوا بِهِ عَلَى وَجْهِهِ فَهُوَ حَقٌّ وَ لَكِنَّهُمْ يُحَرِّفُونَهُ وَ يَزِيدُونَ فِيهِ قَالَ مَعْمَرٌ قُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ أَ كَانَ يُرْمَى بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَ رَأَيْتَ أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً 9224 قَالَ غَلُظَتْ وَ شُدِّدَ أَمْرُهَا حِينَ بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ ص 9225 .
تتميم
اعلم أن الفلاسفة أثبتوا عناصر أربعة النار و الهواء و الماء و الأرض و قالوا النار حار يابس و الهواء حار رطب و الماء بارد رطب و الأرض بارد يابس و كرة النار عندهم ملاصقة لكرة فلك القمر متحركة بحركتها بالتبع و
لها كرة واحدة و تحتها الهواء و له أربع طبقات الأولى ما يمتزج منه مع النار و هي التي تتلاشى فيها الأدخنة المرتفعة من السفل و تتكون فيها الكواكب ذوات الأذناب و ما يشبهها من النيازك و الأعمدة و غيرها الثانية الهواء الصِّرْفة أو القريب من الصرافة و تضمحل فيها الأَدْخِنة اللطيفة و يحصل منها الشُّهُب الثالثة الهواء الباردة بما يخالطه من الأبخرة الباقي على برودته لعدم وصول أثر الشعاع المنعكس من وجه الأرض إليه الرابعة الهواء الكثيف المجاور للأرض و الماء الغير الباقي على صرافة برودته المكتسبة لمكان الأشعة المنعكسة.
ثم كرة الماء و هي غير تامة محيطة بثلاثة أرباع الأرض تقريبا ثم الأرض و هي كرة مصمتة و قد أحاط بقريب من ثلاثة أرباعها الماء فالماء على هيئة كرة مُجَوَّفة غير تامة قد قطع بعض جوانبها و ملئت من الأرض فالآن مجموع الماء و الأرض بمنزلة كُرة واحدة تامة الهيئة و للماء طبقة واحدة هي البحر المحيط بالأرض و لم يبق على صرافته لنفوذ آثار الأَشِعَّة فيه و مخالطته بالأجزاء الأرضية و ليس له ما يميز بين أبعاضه بحيث تختلف في الأحكام اختلافا يعتد به و الأرض ساكنة في الوسط بحيث ينطبق مركز حجمها على مركز العالم هذا هو المشهور بينهم و زعم بعض الأوائل منهم أن الأرض متحركة حركة وضعية دَوْرية من المغرب إلى المشرق و أن شروق الكواكب و غروبها بسبب ذلك لا بسبب حركة الفلك و هذا قول ضعيف متروك عندهم.
و للأرض ثلاث طبقات الأولى الأرض الصرفة المحيطة بالمركز الثانية الطبقة الطينية و هي المجاورة للماء الثالثة الطبقة المنكشفة من الماء و هي التي تحتبس فيها الأبخرة و الأدخنة و تتولد فيها المعادن و النباتات و الحيوانات و تنقسم إلى البراري و الجبال و هي المعروفة بالربع المسكون المنقسم إلى الأقاليم السبعة و أما السبب في انكشافها فقد قيل هو انجذاب الماء إلى ناحية الجنوب لغلبة الحرارة فيها بسبب قرب الشمس لكون حضيض الشمس في البروج الجنوبية و كونها في القرب أشد شعاعا من كونها في البعد و كون الحرارة اللازمة من الشعاع
الأشد أقوى لا محالة و شأن الحرارة جذب الرطوبات و على هذا يمكن أن تنتقل العمارة من الشمال إلى الجنوب ثم من الجنوب إلى الشمال و هكذا بسبب انتقال الأوج من أحدهما إلى الآخر و تكون العمارة دائما إلى حيث أوج الشمس لئلا يجتمع في الصيف قرب الشمس من سمت الرأس و قربها من الأرض فتبلغ الحرارة إلى حد النكاية و الإحراق و لا البعدان في الشتاء فيبلغ البرد إلى حد النكاية و التفجيع و قيل سببه كثرة الوِهاد و الأَغوار في ناحية الشمال باتفاق من الأسباب الخارجة فتنحدر المياه إليها بالطبع و تبقى المواضع المرتفعة مكشوفة و قيل ليس له سبب معلوم غير العناية الإلهية ليصير مستقرا للإنسان و غيره من الحيوانات و مادة لما يحتاج إليه من المعادن و النباتات.
ثم إنهم يقولون بأن كلا من تلك العناصر الأربعة قابل للكون و الفساد أي ينقلب بعضها إلى بعض بلا توسط أو بتوسط واحد أو أكثر كالماء ينقلب حجر المرمر فإنه يحصل من مياه صافية جارية مشروبة تجتمع في وهاد تتحجر حجرا قريب الحجم من حجمها في زمان قليل كما ينقل من بعض محال مراغة من بلاد آذربايجان و قيل الحق أن ذلك إنما هو بخاصية في بعض المواضع من الأرض خلق الله فيها قوة معدنية شديدة التأثير في التحجير إذا صادفتها المياه تحجرت و ربما كانت في باطن الأرض فظهرت بالزلازل و من هذا القبيل ما نقل من انقلاب بعض الناس حجرا و قد شوهدت في بعض البلاد أشباح حجرية على هيئة أشخاص إنسية من رجال و نساء و ولدان لا يعوزها من التشكيل و التخطيط شيء و أشخاص بهيمية و سائر أمور تتعلق بالإنسان على حالات مخصوصة و أوضاع يغلب على الظن أنها كانت قوالب إنسية و ما يتعلق بها فلا يبعد ظهور مثل هذه القوة على قوم غضب الله عليهم انتهى.
و قالوا الحجر ينحل بالحيل الإكسيرية ماء سيالا و الهواء ينقلب ماء كما يشاهد في قلل الجبال و غيرها أن الهواء بسبب البرد يغلظ و يصير سحابا متقاطرا و كما يشاهد من ركوب القطرات على الطاس المكبوب على الجمد و الماء ينقلب
هواء بالحر الحاصل من تسخين الشمس أو النار كما يشاهد من البخار الصاعد من الماء المسخن فإن البخار أجزاء هوائية متكونة من الماء مستصحبة لأجزاء مائية لطيفة مختلطة بها و الهواء ينقلب نارا كما في كور الحدادين إذا ألح النفخ عليها و سد الطرق التي يدخل منها الهواء الجديد يحدث فيه نار من انقلاب الهواء إليها و من هذا القبيل الهواء الحار الذي منه السموم المحرقة و النار أيضا تنقلب هواء كما يشاهد في شعلة المصباح فإنها لو بقيت على النارية لتحركت إلى مكانها الطبيعي على خط مستقيم فاحترقت ما حاذاها و ليس كذلك.
ثم إنهم قالوا إذا تصغرت تلك العناصر و امتزجت و تماست و فعل بعضها في بعض بقواها المتضادة تحصل منها كيفية متوسطة هي المزاج و التركيب قد يكون تاما يحصل به مزاج و يستعد بذلك لإفاضة صورة نوعية تحفظ التركيب زمانا طويلا و قد يكون ناقصا لا يبقى مدة مديدة بل تنحل بأدنى سبب مثل كائنات الجو.