کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
استيهابه، و إن كان ميراثا، فلم يكونا ممّن يرث الرسول صلّى اللّه عليه و آله. و إن ادّعى جاهل ميراث ابنتهما من الرسول (ص) فإنّ نصيبهما تسعا الثمن لأنّ الرسول صلّى اللّه عليه و آله مات عن تسع نسوة و عن ولد للصلب، فلكلّ واحدة منهما تسع الثمن، و هذا القدر لا يبلغ مفحص قطاة.
و بالجملة، فإنّهما غصبا الموضع حتى تقع القسمة على تركة الرسول و لا قسمة مع زعمهم أنّ ما تركه صدقة.
و أمّا صاحبه الثاني فقد حذا حذوه، و زاد عليه فيما غيّر من حدود اللّه تعالى في الوضوء، و الأذان و الإقامة .. و سائر أحكام الدين.
أمّا الوضوء، فقد قال عزّ من قائل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ 32947 فقد جعل سبحانه للوضوء حدودا أربعة، حدّان منها غسل، و حدّان منها مسح، فلمّا قدم الثاني بعد الأول جعل المسح على الرجلين غسلا و أمر الناس بذلك، فاتّبعوه إلّا الفرقة المحقّة، و أفسدوا على من اتّبعه وضوءه و صلاته لفساد الوضوء، لأنّه على غير ما أنزل اللّه به من حدود الوضوء، و أجاز أيضا 32948 المسح على الخفّين من غير أمر من اللّه تعالى 32949 و رسوله.
و أمّا الأذان و الإقامة، فأسقط منهما و زاد فيهما، أمّا الأذان فإنّه كان فيه على عهد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: (حيّ على خير العمل) بإجماع العلماء و أهل المعرفة بالأثر و الخبر، فقال الثاني: ينبغي 32950 لنا أن نسقط: (حيّ على خير العمل)، في الأذان و الإقامة لئلّا يتّكل الناس على الصلاة فيتركوا الجهاد، فأسقط ذلك من
الأذان و الإقامة جميعا لهذه العلّة بزعمه، فقبلوا ذلك منه و تابعوه عليه، و يلزمهم 32951 أن يكون عمر قد أبصر من الرشد ما لم يعلمه اللّه عزّ و جلّ و لا رسوله صلّى اللّه عليه و آله، لأنّ اللّه و رسوله قد أثبتا ذلك في الأذان و الإقامة و لم يخافا على الناس ما خشيه عليهم عمر و قدّره فيهم، و من ظنّ ذلك و جهله لزمه الكفر، فأفسد عليهم الأذان بذلك أيضا، لأنّه من تعمد الزيادة و النقيصة في فريضة أو سنّة فقد أفسدها.
ثم إنّه بعد إسقاط ما أسقط من الأذان و الإقامة من (حيّ على خير العمل)، أثبت في بعض الأذان زيادة من عنده، و ذلك أنّه زاد في أذان صلاة الفجر: الصلاة خير من النوم، فصارت هذه البدعة- عند من اتّبعه- من السنن الواجبة لا يستحلّون تركها، فبدعة الرجل عندهم معمورة متّبعة معمول بها يطالب من تركها بالقهر عليها، و سنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عندهم مهجورة مطرحة [مطروحة] يضرب من استعملها و يقتل من أقامها.
و جعل أيضا الإقامة فرادى، فقال: ينبغي لنا أن نجعل بين الأذان و الإقامة فرقا بيّنا، و كانت الإقامة على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سبيلها كسبيل الأذان مثنى مثنى، و كان فيها: (حيّ على خير العمل) مثنى، و كانت أنقص من الأذان بحرف واحد، لأنّ في آخر الأذان: (لا إله إلّا اللّه) مرّتين، و في آخر الإقامة مرّة واحدة، و كان هذا هو الفرق فغيّره الرجل و جعل بينهما فرقا من عنده، فقد خالف اللّه و رسوله، و زعم أنّه قد أبصر من الرشد في ذلك و أصاب من الحقّ ما لم يعلمه اللّه تعالى و رسوله،
و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: كلّ محدثة بدعة و كلّ بدعة ضلالة و كلّ ضلالة في النار.
، و لا شكّ أنّه كلّ من ابتدع بدعة كان عليه وزرها و وزر العامل بها إلى يوم القيامة.
و أمّا الصلاة، فأفسد من حدودها ما فيه الفضيحة و الهتك لمذهبهم، و هو إنّهم رووا أنّ: تحريم الصلاة التكبير و تحليلها التسليم، و أنّ الصلاة المفروضة على
الحاضرين الظهر أربعا، و العصر أربعا، و المغرب ثلاثا، و العشاء الآخرة أربعا، لا سلام إلّا في آخر التشهد في الرابعة، و أجمعوا على أنّه من سلّم قبل التشهّد عامدا متعمدا فلا صلاة له، و قد لزمه الإعادة، و أنّه من سلّم في كلّ ركعتين من هذه الصلوات الأربع عامدا غير ناس فقد أفسد صلاته و عليه الإعادة، فاستنّ الرجل لهم في التشهّد الأول و الثاني ما أفسد صلاتهم و أبطل عليهم تشهّدهم، فليس منهم أحد يتشهّد في صلاته قطّ و لا يصلّي من هذه الصلوات الأربع التي ذكرناها، و ذلك أنّهم يصلّون ركعتين ثم يقعدون للتشهّد الأوّل فيقولون عوضا عن التشهّد: التحيّات للّه، الصلوات الطيّبات، السلام عليك أيّها النبيّ و رحمة اللّه و بركاته، السلام علينا و على عباد اللّه الصالحين، فإذا قالوا ذلك فقد سلّموا أتمّ السلام و 32952 أكمله، لأنّه إذا سلّم المصلّي على النبيّ و على نفسه و على عباد اللّه الصالحين لم يبق من هؤلاء من يجوز صرف التسليم إليه، فإنّ عباد اللّه الصالحين يدخل في جملتهم الأوّلون و الآخرون و الجنّ و الإنس و الملائكة 32953 و أهل السماوات و الأرضين و الأنبياء و الأوصياء و جميع المرسلين من الأحياء و الأموات و من قد مضى و من هو آت، فحينئذ يكون المصلّي منهم قد قطع صلاته الأربع ركعات بسلامه هذا، ثم يقول بعد: أشهد أن لا إله إلّا اللّه، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله، و التشهّد هو الشهادتان، فالمصلّي منهم يأتي بالشهادتين بعد التسليم الذي ذكرناه منهم، فلزمهم أنّه ليس منهم أحد يتشهّد في الصلاة إذا كان التسليم موجبا للخروج من الصلاة، و لا عبرة بالتشهد بعد الصلاة.
ثم أتبع ذلك بقوله: آمين، عند الفراغ من قراءة سورة الحمد، فصارت عند أوليائه سنّة واجبة، حتى أنّ من يتلقّن القرآن من الأعاجم و غيرهم و عوامّهم و جهّالهم يلعنونهم 32954 من بعد قول وَ لَا الضَّالِّينَ : آمين، فقد زادوا آية في أمّ
الكتاب، و صار عندهم من لم يأت بها في صلاته و غير صلاته كأنّه قد ترك آية في كتاب اللّه.
وَ قَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ النَّقْلِ عَنِ الْأَئِمَّةِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ أَنَّهُمْ قَالُوا: مَنْ قَالَ: آمِينَ فِي صَلَاتِهِ فَقَدْ أَفْسَدَ صَلَاتَهُ وَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ.
، لأنّها عندهم كلمة سريانيّة معناها بالعربية: افعل، كسبيل من يدعو بدعاء فيقول في آخره: اللّهمّ افعل، ثم استنّ 32955 أولياؤه و أنصاره رواية متخرّصة 32956 عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه 32957 كان يقول ذلك بأعلى صوته في الصلاة، فأنكر أهل البيت ذلك، و لمّا رأينا أهل البيت عليهم السلام مجتمعين على إنكارها صحّ عندنا فساد أخبارهم فيها، لأنّ الرسول صلّى اللّه عليه و آله حكم- بالإجماع- أن لا نضلّ ما تمسّكنا بأهل بيته عليهم السلام، فتعيّن ضلالة من تمسّك بغيرهم.
و أمّا الدليل على خرص روايتهم أنّهم مختلفون في الرواية:
فمنهم من روى: إذا أمّن الإمام فأمّنوا.
و منهم من يروي: إذا قال الإمام « وَ لَا الضَّالِّينَ » فقولوا: آمين.
و منهم من يروي: ندب 32958 رفع الصوت بها.
و منهم من يروي: الإخفات بها.
فكان هذا اختلافهم فيما وصفناه من هذه المعاني دليلا واضحا- لمن فهم- على تخرّص روايتهم.
ثم أتبع ذلك بفعل من أفعال اليهود، و ذلك عقد اليدين في الصدر إذا قاموا في الصلاة، لأنّ اليهود تفعل في صلاتها ذلك، فلمّا رآهم الرجل يستعملون ذلك استعمله هو أيضا اقتداء بهم و أمر الناس بفعل ذلك، و قال: إنّ هذا تأويل قوله
تعالى: وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ 32959 يريد بزعمه التذلّل و التواضع،
وَ مِمَّا رُوِيَ عَنْهُ بِالْخِلَافِ أَنَّهُ قَالَ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَوْماً: إِنَّا نَسْمَعُ مِنَ الْيَهُودِ أَشْيَاءَ نَسْتَحْسِنُهَا مِنْهُمْ، فَنَكْتُبُ ذَلِكَ مِنْهُمْ؟. فَغَضِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ قَالَ:
أَ مُتَهَوِّكُونَ 32960 أَنْتُمْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ!، لَوْ كَانَ مُوسَى حَيّاً لَمْ يَسَعْهُ إِلَّا اتِّبَاعِي.
و من استحسن ذلك في حياة الرسول من قول اليهود فاستحسانه بعد فقد النبيّ أولى، و قد أنكر أهل البيت عليهم السلام و نهوا عنه نهيا مؤكّدا، و حال أهل البيت ما شرحناه من شهادة الرسول صلّى اللّه عليه و آله لهم بإزالة الضلالة عنهم و عمّن تمسّك 32961 بهم، فليس من بدعة ابتدعها هذا الرجل إلّا أولياؤه متحفّظون بها مواظبون عليها و على العمل بها، طاعنون على تاركها، و كلّ تأديب الرسول الذي قد خالفه الرجل ببدعة فهو عندهم مطروح متروك مهجور و يطعن على من استعمله، و ينسب عندهم إلى الأمور المنكرات،
وَ لَقَدْ رَوَوْا جَمِيعاً أَنَّ الرَّسُولَ قَالَ: لَا تَبْرَكُوا فِي الصَّلَاةِ كَبَرْكِ الْبَعِيرِ، وَ لَا تَنْقُرُوا كَنَقْرِ الدِّيكِ، وَ لَا تُقْعُوا كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ، وَ لَا تَلْتَفِتُوا 32962 كَالْتِفَاتِ الْقُرُودِ،.
فهم لأكثر ذلك فاعلون، و لقول الرسول مخالفون، فإذا أرادوا السجود بدءوا بركبهم فيطرحونها إلى الأرض قبل أيديهم، و ذلك منهم كبرك البعير على ركبتيه، و يعلّمون ذلك جهّالهم خلافا على تأديب
الرسول صلّى اللّه عليه و آله، و هذا شأنهم في سائر أحكام الدين فلا نطوّل الكلام 32963 بذكرها الكتاب.
وَ لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ نَبِيَّهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِسَدِّ أَبْوَابِ النَّاسِ مِنْ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ شريفا [تَشْرِيفاً] 32964 لَهُ وَ صَوْناً لَهُ عَنِ النَّجَاسَةِ سِوَى بَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ بَابِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ أَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ فِي النَّاسِ بِذَلِكَ، فَمَنْ أَطَاعَهُ فَازَ وَ غَنِمَ وَ مَنْ عَصَاهُ هَلَكَ وَ نَدِمَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ الْمُنَادِيَ فَنَادَى فِي النَّاسِ: الصَّلَاةَ جَامِعَةً، فَأَقْبَلَ النَّاسُ يُهْرَعُونَ، فَلَمَّا تَكَامَلُوا صَعِدَ النَّبِيُّ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ 32965 تَعَالَى قَدْ أَمَرَنِي بِسَدِّ أَبْوَابِكُمُ الْمَفْتُوحَةِ إِلَى الْمَسْجِدِ بَعْدَ يَوْمِي، وَ أَنْ لَا يَدْخُلَهُ جُنُبٌ وَ لَا نَجَسٌ، بِذَلِكَ 32966 أَمَرَنِي رَبِّي جَلَّ جَلَالُهُ، فَلَا يَكُونُ فِي نَفْسِ أَحَدٍ مِنْكُمْ أَمْرٌ، وَ لَا تَقُولُوا: لِمَ؟ وَ كَيْفَ؟ وَ أَنَّى ذَلِكَ؟ فَتَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَ تَكُونُوا مِنَ الْخَاسِرِينَ، وَ إِيَّاكُمْ وَ الْمُخَالَفَةَ وَ الشِّقَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ أُجَاهِدَ مَنْ عَصَانِي، وَ أَنَّهُ لَا ذِمَّةَ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ، وَ قَدْ جَعَلْتُ مَسْجِدِي طَاهِراً مِنْ كُلِّ دَنَسٍ، مُحَرَّماً عَلَى كُلِّ مَنْ يَدْخُلُ إِلَيْهِ مَعَ هَذِهِ الصِّفَةِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا غَيْرِي وَ أَخِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ ابْنَتِي فَاطِمَةَ وَ وَلَدَيَّ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ كَمَا كَانَ مَسْجِدُ هَارُونَ وَ مُوسَى، فَإِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيْهِمَا أَنِ اجْعَلَا بُيُوتَكُمَا قِبْلَةً لِقَوْمِكُمَا، وَ إِنِّي قَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أَمَرَنِي بِهِ رَبِّي وَ أَمَرْتُكُمْ بِذَلِكَ، أَلَا فَاحْذَرُوا الْحَسَدَ وَ النِّفَاقَ وَ أَطِيعُوا اللَّهَ يُوَافِقْ بَيْنَكُمْ سَرُّكُمْ عَلَانِيَتَكُمْ، فَ اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ 32967 .
فَقَالَ النَّاسُ بِأَجْمَعِهِمْ: سَمِعْنَا وَ أَطَعْنَا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَا نُخَالِفُ مَا أَمَرَنَا بِهِ،
ثُمَّ خَرَجُوا أَبْوَابَهُمْ جَمِيعاً غَيْرَ بَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَأَظْهَرَ النَّاسُ الْحَسَدَ وَ الْكَلَامَ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا بَالُ رَسُولِ اللَّهِ (ص) يُؤْثِرُ ابْنَ عَمِّهِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَ يَقُولُ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ، وَ يُخْبِرُ عَنِ اللَّهِ بِمَا لَمْ يَقُلْ فِي عَلِيٍّ؟! وَ إِنَّمَا سَأَلَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ أَجَابَهُ إِلَى مَا يُرِيدُ، فَلَوْ سَأَلَ اللَّهَ ذَلِكَ لَنَا لَأَجَابَهُ، وَ أَرَادَ عُمَرُ أَنْ يَكُونَ لَهُ بَابٌ مَفْتُوحٌ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَ لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَوْلُ عُمَرَ وَ خَوْضُ النَّاسِ وَ الْقَوْمِ فِي الْكَلَامِ، أَمَرَ الْمُنَادِيَ بِالنِّدَاءِ إِلَى: الصَّلَاةَ جَامِعَةً، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا قَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ:
مَعَاشِرَ النَّاسِ! قَدْ بَلَغَنِي مَا خُضْتُمْ فِيهِ وَ مَا قَالَ قَائِلُكُمْ، وَ إِنِّي أُقْسِمُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ أَنِّي لَمْ أَقُلْ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَ لَا كَذَبْتُ فِيمَا قُلْتُ، وَ لَا أَنَا سَدَدْتُ أَبْوَابَكُمْ، وَ لَا أَنَا فَتَحْتُ بَابَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (ع)، وَ لَا أَمَرَنِي فِي ذَلِكَ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الَّذِي خَلَقَنِي وَ خَلَقَكُمْ أَجْمَعِينَ، فَلَا تَحَاسَدُوا فَتَهْلِكُوا، وَ لَا تَحْسُدُوا النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ، فَإِنَّهُ يَقُولُ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ 32968 فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مِنَ الصَّابِرِينَ، ثُمَّ صَدَّقَ اللَّهُ رَسُولَهُ بِنُزُولِ الْكَوْكَبِ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى دَارِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ أَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ قُرْآناً، وَ أَقْسَمَ بِالنَّجْمِ تَصْدِيقاً لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، فَقَالَ: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى . 32969 .
الْآيَاتِ كُلَّهَا، وَ تَلَاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَلَمْ يَزْدَادُوا إِلَّا غَضَباً وَ حَسَداً وَ نِفَاقاً وَ عُتُوّاً وَ اسْتِكْبَاراً، ثُمَّ تَفَرَّقُوا وَ 32970 فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْحَسَدِ وَ النِّفَاقِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ سُبْحَانَهُ.