کتابخانه روایات شیعه
الإستبصار فيما اختلف من الأخبار
مولده و نشأته
في الخلاصة لأبي منصور جمال الدين آية اللّه العلامة:- ولد في شهر رمضان سنة 385 و يؤثر عين هذه العبارة في رجال سيدنا بحر العلوم الطباطبائي، فيكون ذلك بعد وفاة الشيخ الصدوق باربع سنين لأنّه توفي في الري سنة 381.
و عليه تطابقت المعاجم و المدوّنات، فكان مولده منبثق أنوار الفضيلة، و مبدأ الافاضات العلمية، فكان للمولى سبحانه فيه شأن من الشأن، حتى تمت في الحكمة البالغة تقييظ شيخ الطائفة لبثّ العلم، و نشر الدعاية الإلهيّة، فنهض (قده) بعبء ما قيّظ له فهذّب و أرشد و علّم و أدّب، و اقتفت الأمة آثاره، و استصبحوا بأنواره، و أغرق نزعا في إعلاء كلمة الحق، و لم يدع من ذلك في القوس منزعا.
هبط بغداد من خراسان سنة 408 و هو ابن ثلاثة و عشرين عاما 1 تقدمه راية العلم و الهدى، و بين شفتيه كلمة الإصلاح، و يضيء معه نور الفضل و الكمال، و معه العدّة و العدّة لمستقبله الكشّاف، و أهبة التقدّم و الظهور في كل من المآثر، فكان حضوره و تلمذه على شيخ الأمة و استاذ علمائها، شيخنا محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد نحوا من خمس سنين، حتى قضى الأستاذ نحبه، ليلة الجمعة لثلاث ليال خلون من شهر رمضان من سنة 413 2 فانضوى شيخنا المترجم له إلى شريف علماء الشيعة و محققها علم الهدى السيّد المرتضى (قدّس سرّه) و كان يدرّ عليه من ثدي إفضاله ما تقاعست عنه الفكر طيلة ثلاثة و عشرين عاما، كما أنّه يدرّ عليه من المعاش و المسانهة في كل شهر اثني عشر دينارا، حتى اختار اللّه للسيّد لقاءه لخمس بقين من شهر ربيع الأوّل سنة 436 3 .
و لم يكد نور الإمامة ينطفئ في العلم و العمل، حتى استقلّ بالظهور على منصّتها شيخ الأمة المترجم له، و اقيمت منه الأعلام و الصوى، و انتشر عرفه الفياح بين فجاج ذلك المستوى، و ازدلفت إليه العلماء و الأفاضل تستضيء بنوره المتألق، و ترتشف من معينه المتدفق، للتلمذة و الحضور تحت منبره، و تقاطر إليه المستفيدون من كل حدب و صوب، و بلغت عدة تلامذته الى ثلاثمائة من مجتهدي الخاصّة، و من العامّة ما لا يحصى عددهم، و قد اعترف الكل بفضله السيّال، و قد رووا منه شخصية بارزة، و نبوغا موصوفا، و عبقرية ظاهرة في العلم و العمل، حتى أنّ خليفة الوقت «القائم بأمر اللّه» عبد اللّه بن «القادر باللّه» أحمد جعل له كرسي الكلام و الافادة الذي ما كانوا يسمحون به يوم ذاك إلّا لوحيد العصر المبرز في علومه و معارفه الجمة على قرنائه و معاصريه.
و من قوّة عارضته و تقدّم حجته ما أثبته القاضي في المجالس، و سيدنا الطباطبائي في الرجال: أنه وشي بالشيخ «ره» الى خليفة الوقت العباسيّ «أحمد» أنه هو و أصحابه يسبون الصحابة، و كتابه المصباح يشهد بالك، فقد ذكر أن من دعاء يوم عاشوراء:- اللّهمّ خصّ أنت أول ظالم باللعن مني و ابدأ به أولا ثمّ الثاني ثمّ الثالث ثمّ الرابع، اللّهمّ العن يزيد بن معاوية خامسا.
فدعا الخليفة بالشيخ و الكتاب فلما احضر الشيخ و وقف على القصة ألهمه اللّه أن قال: ليس المراد من هذه الفقرات ما ظنه السعاة بل المراد بالأول قابيل قاتل هابيل و هو أول من سنّ الظلم و القتل، و بالثاني قيدار عاقر ناقة صالح، و بالثالث قاتل يحيى ابن زكريا من أجل بغي من بغايا بني إسرائيل، و بالرابع عبد الرحمن بن ملجم قاتل عليّ بن أبي طالب. فلما سمع الخليفة من الشيخ تأويله و بيانه قبل منه ذلك و رفع منزلته. و انتقم من الساعي و أهانه.
فلم يفتأ شيخ الطائفة إمام عصره، و عزيز مصره، مرموقا إليه بالعظمة، مقصودا لحل المشكلات، حتى غادر بغداد من أجل القلاقل الواقعة فيها من جرّاء الفتن بين الشيعة و أهل السنّة التي أحرقت فيها داره و كتبه و ما كان له من كرسيّ الافادة و التدريس.
و لم تزل هذه الفتن تنجم و تخبو في الفينة بعد الفينة حتّى غادرها إلى النجف الأشرف سنة 448 بعد وفاة استاذه المرتضى باثني عشر سنة، و مكث في النجف مثلها من الاعوام.
فالقت عصاها و استقر بها النوى
كما قرّ عينا بالاياب المسافر
هنالك أسّس حول المرقد العلوي الطاهر حوزة العلم و العمل، فانبثقت عليه الأنوار العلوية، و ازدهرت رياضها، و أينعت ثمارها، و جرت انهارها، و زغردت أطيارها فكانت ربوع وادي الغري تشعّ بمظاهر الكمال، و تشرق عليها ذكا الفضائل، و تترنح بين فجاجها فطاحل الرجال.
من تلق منهم تلق كهلا أو فتى
علم الهدى بحر الندى المورودا
***
من تلق منهم تلقه
كنز ذكا و معرفة
طهاة علم و لهم
في كل قدر مغرفة
آثاره و مآثره
لم تزل منتوجات المترجم له تضوع بين أرجاء العالم أرجا، و تضيء في أجواء الدهر بلجا، فمن كتاب نفس يحمله صدر حكيم، و من أثارة علم يدرسها نيقد كريم، و كلها أوضاح و غرر على جبين الحقب و ناصية الأزمنة و إليك ما تسنح به الفرص من أسمائها:-
كتاب التبيان في تفسير القرآن
هو ذلك الكتاب الضخم الفخم المناهزة أو المربية اجزاؤه على العشرة و لعله أول كتاب حوى علوم القرآن جمعاء. (ط)
قال سيدنا بحر العلوم في فوائده الرجالية:- أما التفسير فله فيه كتاب التبيان الجامع لعلوم القرآن، و هو كتاب جليل كبير، عديم النظير في التفاسير، و شيخنا الطبرسيّ إمام التفسير، في كتبه إليه يزدلف، و من بحره يغترف، و في صدر كتابه الكبير 4 بذلك يعترف و قد قال فيه:- أنه الكتاب الذي يقتبس منه ضياء الحق و يلوح عليه رواء الصدق، قد تضمّن من المعاني الأسرار البديعة و احتضن من الألفاظ اللغة الوسيعة و لم يقنع بتدوينها دون تبيينها، و لا بتنسيقها دون تحقيقها، و هو القدوة أستضيء بأنواره، و أطأ مواقع آثاره.
و قال السيّد أيضا:- و الشيخ المحقق المدقق محمّد بن إدريس العجليّ مع كثرة وقايعه مع الشيخ في أكثر كتبه يقف عند تبيانه و يعترف بعظم شأن هذا الكتاب و استحكام بنيانه.
إذن فالكتاب القيم كما يعزى الى مصنفه كتاب لم يعمل مثله، و في مفتتح التبيان نفسه ما لفظه: فان الذي حملني على الشروع في عمل هذا الكتاب أني لم أجد في أصحابنا من عمل كتابا يحتوي على تفسير القرآن و يشتمل على فنون معانيه.
ثمّ ذكر قدّس سرّه أنّه يشرع في تأليفه رجاء أن يكون محتويا لكل ما ينبغي أن يكون فيه أو وقع عليه الطلب من علوم القرآن و مناسباته على وجه الايجاز.
و للشيخ المحقق محمّد بن إدريس العجليّ المتوفّى سنة 598 مختصر التبيان موجود بين ظهراني العلماء و بمطلع الاكمة من القراء.
و من المأسوف عليه خروجه الى الملاء في أطماره الرثة من رداءة الطبع و الصورة المشوهة بالاغلاط، و لعلّ المولى سبحانه يقيّض له في القريب العاجل من يزفّه الى القراء بحلّة قشيبة.
كتاب الاستبصار فيما اختلف من الاخبار
هو أحد الكتب الأربعة المعوّل عليها عند الإماميّة أجمع بعد كتاب اللّه الكريم منذ عهد المؤلّف حتّى اليوم، و هو لدة كتاب التهذيب في هذه الأكرومة، لكنا قدمنا ذكره في هذه الترجمة لأنّه المعنيّ بالطباعة، المهدى إلى أنظار القراء الكرام.
يقع في ثلاث مجلدات اثنان منها في العبادات، و الثالث في بقية أبواب الفقه من المعاملات كالعقود و الايقاعات و الأحكام كذا رتبه الشيخ نفسه (قدّس سرّه) و أحصى بعض العلماء أبوابه في تسعمائة و خمسة و عشرين أو خمسة عشر بابا.
و أحصى الشيخ نفسه أحاديثه في خمسة آلاف و خمسمائة و أحد عشر حديثا، و قال حصرتها لئلا تقع فيها زيادة أو نقصان، فما عن بعض العلماء من حصرها بستة آلاف و خمسمائة و احدى و ثلاثين حديثا في منتأى عن الصواب.
شروحه و التعاليق عليه
إنّ كتاب الاستبصار موقع نظر زرافات من العلماء فافرغوا نظرياتهم حول أحاديثه في بوتقة الشرح أو التعليق عليه، فمن جملة الشارحين له و المعلّقين عليه:-
1- المولى محمّد أمين بن محمّد شريف الأسترآباديّ المتوفّى سنة 1041.
2- سيد الفلاسفة مير محمّد باقر بن شمس الدين محمّد الحسيني المشهور به داماد المتوفى سنة 1041.
3- الفاضلة حميدة بنت المولى محمّد شريف الرويدشتي المتوفاة سنة 1078.
4- السيّد مير محمّد صالح بن عبد الواسع الخواتونآبادي المتوفّى سنة 1116.
5- المولى عبد الرشيد بن المولى نور الدين التستريّ المتوفى حدود سنة 1087.
6- السيّد عبد الرضا بن عبد الحسين معاصر المحدث الجزائريّ.
7- العلامة المولى عبد اللّه بن الحسين التستريّ المتوفّى سنة 1021.
8- العلامة السيّد عبد اللّه بن نور الدين الجزائريّ التستريّ المتوفّى سنة 1173.
9- العلامة الشيخ عبد اللطيف بن الشيخ نور الدين علي الجامعي العاملي المتوفى سنة 1050.
10- العلامة السيّد مير شرف الدين عليّ بن حجة اللّه الشولستاني المتوفى بعد سنة 1060.
11- الشيخ زين الدين عليّ بن سليمان (أمّ الحديث) البحرانيّ المتوفى سنة 1064.
12- السيّد ماجد بن السيّد هاشم الجد حفصي البحرانيّ المتوفّى سنة 1021.
13- المحقق المقدس السيّد محسن بن الحسن الاعرجي الكاظمي صاحب المحصول المتوفّى سنة 1227.
14- الشيخ الجليل محمّد بن الحسن بن زين الدين الشهيد الثاني العاملي المتوفى بمكّة سنة 1030.
15- العلامة السيّد ميرزا محمّد بن عليّ بن إبراهيم الأسترآباديّ الرجالي المتوفى سنة 1028.
16- العلامة الفقيه السيّد محمّد بن عليّ بن الحسين الموسوي العاملي صاحب (المدارك) المتوفّى سنة 1009.
17- الفقيه المحدث الجزائريّ السيّد نعمة اللّه بن عبد اللّه الموسوي التستريّ المتوفّى سنة 1112.
18- السيّد يوسف الخراسانيّ المكتوبة تعليقاته سنة 1030.