کتابخانه روایات شیعه
الإستبصار فيما اختلف من الأخبار
[تصوير نسخه خطى]
[خطبة المؤلف]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد للّه ولي الحمد و مستحقه، و الصلوة على خيرته من خلقه محمّد و آله الطّاهرين من عترته و سلم تسليما.
أما بعد فاني رأيت جماعة من اصحابنا لما نظروا- في كتابنا الكبير الموسوم (بتهذيب الاحكام) و رأوا ما جمعنا (فيه) 8 من الأخبار المتعلقة بالحلال و الحرام و وجدوها مشتملة على أكثر ما يتعلق بالفقه من ابواب الأحكام و انه لم يشذّ عنه في جميع أبوابه و كتبه ممّا ورد في احاديث اصحابنا و كتبهم و اصولهم 9 و مصنّفاتهم إلّا نادر قليل و شاذّ يسير، و انه يصلح أن يكون كتابا مذخورا يلجأ اليه المبتدي في تفقهه، و المنتهي في تذكّره، و المتوسط في تبحّره فان كلّا منهم ينال مطلبه و يبلغ بغيته و تشوّقت نفوسهم الى أن يكون ما يتعليق بالأحاديث المختلفة مفردا 10 على طريق الاختصار يفزع
اليه المتوسط في الفقه لمعرفته و المنتهى لتذكّره إذ كان هذان الفريقان آنسين 11 بما يتعلق بالوفاق، و ربما لم يمكنهما ضيق الوقت من تصفح الكتب و تتبع الآثار فيشرفا على ما اختلف من الروايات فيكون الانتفاع بكتاب يشتمل على اكثر ما ورد من احاديث اصحابنا المختلفة، اكثره، موقوفا على هذين الصنفين و ان كان المبتدي لا يخلوا أيضا من الانتفاع 12 به، و رأوا أنّ ما يجري هذا المجرى ينبغي أن يكون العناية به تامة و الاشتغال به وافرا لما فيه من عظيم النفع و جميل الذكر اذ لم يسبق الى هذا المعنى احد من شيوخ اصحابنا المصنّفين في الاخبار و الفقه في الحلال و الحرام، و سألوني تجريد ذلك و صرف العناية 13 الى جمعه و تلخيصه و ان ابتدىء في كل باب بايراد ما اعتمده من الفتوى و الاحاديث فيه ثم اعقّب بما يخالفها من الاخبار و أبيّن وجه الجمع بينها على وجه لا اسقط شيئا منها ما امكن ذلك فيه و اجري في ذلك على عادتي في كتابي الكبير المذكور و ان اشير في اوّل الكتاب الى جملة مما يرجّح به الاحاديث بعضها على بعض و لأجله جاز العمل بشيء منها دون جميعها و انا مبيّن ذلك على غاية من الاختصار إذ شرح ذلك ليس هذا موضعه و هو مذكور في الكتب المصنّفة في اصول الفقه المعمولة في هذا الباب، و اعلم إن الاخبار على ضربين: متواتر و غير متواتر، فالمتواتر منها ما أوجب العلم فما هذا سبيله يجب العمل به من غير توقّع شيء ينضاف اليه و لا أمر يقوى به و لا يرجّح به على غيره، و ما يجري هذا المجرى لا يقع فيه التعارض و لا التضادّ في اخبار النبي صلى اللّه عليه و آله و الائمة عليهم السلام، و ما ليس بمتواتر على ضربين فضرب منه يوجب العلم أيضا، و هو كل خبر تقترن اليه قرينة توجب العلم، و ما يجري هذا المجرى يجب ايضا العمل به، و هو لاحق بالقسم الأول، و القرائن أشياء كثيرة منها ان تكون مطابقة لادلة العقل و مقتضاه، و منها ان تكون مطابقة لظاهر القرآن: إما
لظاهره أو عمومه او دليل خطابه أو فحواه، فكلّ هذه القرائن توجب العلم و تخرج الخبر عن حيّز 14 الآحاد و تدخله في باب المعلوم، و منها ان تكون مطابقه للسنة المقطوع بها إما صريحا أو دليلا أو فحوى أو عموما، و منها ان تكون مطابقة لما اجمع المسلمون عليه، و منها ان تكون مطابقة لما اجمعت عليه الفرقة المحقّة فان جميع هذه القرائن تخرج الخبر من حيّز الآحاد و تدخله في باب المعلوم و توجب العمل به، و أما القسم الآخر:
فهو كل خبر لا يكون متواترا و يتعرى من 15 واحد من هذه القرائن فان ذلك خبر واحد و يجوز العمل به على شروط فاذا كان الخبر لا يعارضه خبر آخر فان ذلك يجب العمل به لانه من الباب الذي عليه الاجماع في النقل الا ان تعرف فتاواهم بخلافه فيترك لاجلها العمل به و ان كان هناك ما يعارضه فينبغي ان ينظر في المتعارضين فيعمل على اعدل الرواة في الطريقين، و إن كانا سواء في العدلة عمل على اكثر الرواة عددا، و ان كانا متساويين في العدالة و العدد و هما عاريان من جميع القرائن التى ذكرناها نظر فان كان متى عمل باحد الخبرين امكن العمل بالآخر على بعض الوجوه و ضرب من التأويل كان العمل به أولى من العمل بالآخر الذي يحتاج مع العمل به الى طرح الخبر الآخر لأنه يكون العامل بذلك عاملا بالخبرين معا، و إذا كان الخبران يمكن العمل بكل واحد منهما و حمل الآخر على بعض الوجوه «و ضرب» 16 من التأويل و كان لأحد التأويلين خبر يعضده أو يشهد به على بعض الوجوه صريحا أو تلويحا لفظا أو دليلا و كان الآخر عاريا من ذلك كان العمل به أولى من العمل بما لا يشهد له شيء من الأخبار، و إذا لم يشهد لأحد التاويلين خبر آخر و كان متحاذيا كان العامل مخيّرا في العمل بايّهما شاء، و إذا لم يمكن العمل بواحد من الخبرين إلّا بعد طرح الآخر جملة لتضادّهما و بعد التأويل بينهما كان العامل أيضا مخيرا في العمل بايهما شاء من جهة التسليم، و لا يكون