کتابخانه روایات شیعه
الإستبصار فيما اختلف من الأخبار
فلم يفتأ شيخ الطائفة إمام عصره، و عزيز مصره، مرموقا إليه بالعظمة، مقصودا لحل المشكلات، حتى غادر بغداد من أجل القلاقل الواقعة فيها من جرّاء الفتن بين الشيعة و أهل السنّة التي أحرقت فيها داره و كتبه و ما كان له من كرسيّ الافادة و التدريس.
و لم تزل هذه الفتن تنجم و تخبو في الفينة بعد الفينة حتّى غادرها إلى النجف الأشرف سنة 448 بعد وفاة استاذه المرتضى باثني عشر سنة، و مكث في النجف مثلها من الاعوام.
فالقت عصاها و استقر بها النوى
كما قرّ عينا بالاياب المسافر
هنالك أسّس حول المرقد العلوي الطاهر حوزة العلم و العمل، فانبثقت عليه الأنوار العلوية، و ازدهرت رياضها، و أينعت ثمارها، و جرت انهارها، و زغردت أطيارها فكانت ربوع وادي الغري تشعّ بمظاهر الكمال، و تشرق عليها ذكا الفضائل، و تترنح بين فجاجها فطاحل الرجال.
من تلق منهم تلق كهلا أو فتى
علم الهدى بحر الندى المورودا
***
من تلق منهم تلقه
كنز ذكا و معرفة
طهاة علم و لهم
في كل قدر مغرفة
آثاره و مآثره
لم تزل منتوجات المترجم له تضوع بين أرجاء العالم أرجا، و تضيء في أجواء الدهر بلجا، فمن كتاب نفس يحمله صدر حكيم، و من أثارة علم يدرسها نيقد كريم، و كلها أوضاح و غرر على جبين الحقب و ناصية الأزمنة و إليك ما تسنح به الفرص من أسمائها:-
كتاب التبيان في تفسير القرآن
هو ذلك الكتاب الضخم الفخم المناهزة أو المربية اجزاؤه على العشرة و لعله أول كتاب حوى علوم القرآن جمعاء. (ط)
قال سيدنا بحر العلوم في فوائده الرجالية:- أما التفسير فله فيه كتاب التبيان الجامع لعلوم القرآن، و هو كتاب جليل كبير، عديم النظير في التفاسير، و شيخنا الطبرسيّ إمام التفسير، في كتبه إليه يزدلف، و من بحره يغترف، و في صدر كتابه الكبير 4 بذلك يعترف و قد قال فيه:- أنه الكتاب الذي يقتبس منه ضياء الحق و يلوح عليه رواء الصدق، قد تضمّن من المعاني الأسرار البديعة و احتضن من الألفاظ اللغة الوسيعة و لم يقنع بتدوينها دون تبيينها، و لا بتنسيقها دون تحقيقها، و هو القدوة أستضيء بأنواره، و أطأ مواقع آثاره.
و قال السيّد أيضا:- و الشيخ المحقق المدقق محمّد بن إدريس العجليّ مع كثرة وقايعه مع الشيخ في أكثر كتبه يقف عند تبيانه و يعترف بعظم شأن هذا الكتاب و استحكام بنيانه.
إذن فالكتاب القيم كما يعزى الى مصنفه كتاب لم يعمل مثله، و في مفتتح التبيان نفسه ما لفظه: فان الذي حملني على الشروع في عمل هذا الكتاب أني لم أجد في أصحابنا من عمل كتابا يحتوي على تفسير القرآن و يشتمل على فنون معانيه.
ثمّ ذكر قدّس سرّه أنّه يشرع في تأليفه رجاء أن يكون محتويا لكل ما ينبغي أن يكون فيه أو وقع عليه الطلب من علوم القرآن و مناسباته على وجه الايجاز.
و للشيخ المحقق محمّد بن إدريس العجليّ المتوفّى سنة 598 مختصر التبيان موجود بين ظهراني العلماء و بمطلع الاكمة من القراء.
و من المأسوف عليه خروجه الى الملاء في أطماره الرثة من رداءة الطبع و الصورة المشوهة بالاغلاط، و لعلّ المولى سبحانه يقيّض له في القريب العاجل من يزفّه الى القراء بحلّة قشيبة.
كتاب الاستبصار فيما اختلف من الاخبار
هو أحد الكتب الأربعة المعوّل عليها عند الإماميّة أجمع بعد كتاب اللّه الكريم منذ عهد المؤلّف حتّى اليوم، و هو لدة كتاب التهذيب في هذه الأكرومة، لكنا قدمنا ذكره في هذه الترجمة لأنّه المعنيّ بالطباعة، المهدى إلى أنظار القراء الكرام.
يقع في ثلاث مجلدات اثنان منها في العبادات، و الثالث في بقية أبواب الفقه من المعاملات كالعقود و الايقاعات و الأحكام كذا رتبه الشيخ نفسه (قدّس سرّه) و أحصى بعض العلماء أبوابه في تسعمائة و خمسة و عشرين أو خمسة عشر بابا.
و أحصى الشيخ نفسه أحاديثه في خمسة آلاف و خمسمائة و أحد عشر حديثا، و قال حصرتها لئلا تقع فيها زيادة أو نقصان، فما عن بعض العلماء من حصرها بستة آلاف و خمسمائة و احدى و ثلاثين حديثا في منتأى عن الصواب.
شروحه و التعاليق عليه
إنّ كتاب الاستبصار موقع نظر زرافات من العلماء فافرغوا نظرياتهم حول أحاديثه في بوتقة الشرح أو التعليق عليه، فمن جملة الشارحين له و المعلّقين عليه:-
1- المولى محمّد أمين بن محمّد شريف الأسترآباديّ المتوفّى سنة 1041.
2- سيد الفلاسفة مير محمّد باقر بن شمس الدين محمّد الحسيني المشهور به داماد المتوفى سنة 1041.
3- الفاضلة حميدة بنت المولى محمّد شريف الرويدشتي المتوفاة سنة 1078.
4- السيّد مير محمّد صالح بن عبد الواسع الخواتونآبادي المتوفّى سنة 1116.
5- المولى عبد الرشيد بن المولى نور الدين التستريّ المتوفى حدود سنة 1087.
6- السيّد عبد الرضا بن عبد الحسين معاصر المحدث الجزائريّ.
7- العلامة المولى عبد اللّه بن الحسين التستريّ المتوفّى سنة 1021.
8- العلامة السيّد عبد اللّه بن نور الدين الجزائريّ التستريّ المتوفّى سنة 1173.
9- العلامة الشيخ عبد اللطيف بن الشيخ نور الدين علي الجامعي العاملي المتوفى سنة 1050.
10- العلامة السيّد مير شرف الدين عليّ بن حجة اللّه الشولستاني المتوفى بعد سنة 1060.
11- الشيخ زين الدين عليّ بن سليمان (أمّ الحديث) البحرانيّ المتوفى سنة 1064.
12- السيّد ماجد بن السيّد هاشم الجد حفصي البحرانيّ المتوفّى سنة 1021.
13- المحقق المقدس السيّد محسن بن الحسن الاعرجي الكاظمي صاحب المحصول المتوفّى سنة 1227.
14- الشيخ الجليل محمّد بن الحسن بن زين الدين الشهيد الثاني العاملي المتوفى بمكّة سنة 1030.
15- العلامة السيّد ميرزا محمّد بن عليّ بن إبراهيم الأسترآباديّ الرجالي المتوفى سنة 1028.
16- العلامة الفقيه السيّد محمّد بن عليّ بن الحسين الموسوي العاملي صاحب (المدارك) المتوفّى سنة 1009.
17- الفقيه المحدث الجزائريّ السيّد نعمة اللّه بن عبد اللّه الموسوي التستريّ المتوفّى سنة 1112.
18- السيّد يوسف الخراسانيّ المكتوبة تعليقاته سنة 1030.
هذا ما تيسر ذكره من شروح الاستبصار و التعليقات عليه حسب ما سطرها شيخنا العلامة الرازيّ سلمه اللّه في (ذريعته).
تهذيب الأحكام
و هو نظير الاستبصار أحد الكتب الأربعة الحافلة بأدلة الاحكام من السنة الشريفة و الأحاديث النبويّة و الولوية و هي جمعاء أوثق المصادر عند علمائنا أجمع، و من أغزر ينابيع العلم، و ازخر بحوره و أغلب الأوائل ما كانوا يراجعون غيرها عند الاستنباط 5
و قد طبع كتاب التهذيب في مجلدين كبيرين سنة 1317.
و قد احصيت أبوابه فكانت ثلاثمائة و ثلاثة و تسعين بابا.
و احصيت أحاديثه في ثلاثة عشر الف و خمسمائة و تسعين حديثا.
التهذيب و ذيوله
لقد ألّف حول كتاب التهذيب و أسانيده غير واحد من الكتب النافعة منها:
الأول:- كتاب (تنبيه الأريب و تذكرة اللبيب في إيضاح رجال التهذيب) للعلامة السيّد هاشم بن سليمان بن إسماعيل التوبلي البحرانيّ الكتكانى المتوفّى سنة 1107 و هو في شرح أسانيد كتاب التهذيب و بيان أحوال رجاله، و هو نسيج وحده في جودة السرد و حسن البيان.
الثاني:- كتاب (انتخاب الجيد من تنبيهات السيّد). للعالم الجليل الكبير الشيخ حسن الدمستاني، عمد فيه الى كتاب تنبيه الاريب فهذّبه و أثبت فيه ما يروقه و لفظ ما لم يتذوقه و هو كتاب نفيس في بابه.
الثالث:- (ترتيب التهذيب للسيّد) التوبلي المذكور آنفا، و عن صاحب رياض العلماء الشيخ ميرزا عبد اللّه الأفندي أنّه أورد كل حديث منه في الباب المناسب له و ذكر
بعض المناقشات حول الأسانيد، ثمّ عمد الى شرح الكتاب بنفسه فجاءت منه مجلدات كما يأتي في الشروح إنشاء اللّه تعالى و هو غير كتاب (تنبيه الأريب) المتقدم ذكره.
الرابع: كتاب (تصحيح الأسانيد) للعلامة محمّد بن علي الأردبيليّ تلميذ العلامة المجدد المجلسي، و مؤلف جامع الرواة الذي هو مشارف للطبع، يذكر فيه مناقشاته في غير واحد من أسانيد التهذيب حسب ما يتراءى من مشيخة الشيخ و فهرسته أوردها برمتها شيخنا العلامة النوريّ في خاتمة المستدرك ص 719 مع زيادات ميّزها عنها بلفظ (قلت) و أورد المؤلّف الملخص منه في الفائدة السابعة من خاتمة كتاب (جامع الرواة) المذكور و طبع شيخنا العلامة المامقاني هذا المنتخب في آخر رجاله (تنقيح المقال).
التهذيب و شروحه
و هناك لفيف كبير من عباقرة العلم و العمل وجّهوا سيل فضلهم الآتي و تيار تفكيرهم المتدفق نحو كتاب التهذيب، فحاولوا شرح أحاديثه و طرقوا مغازيها ببيان واف و سرد منسجم، فمنهم:-
1- العلامة الشيخ أحمد بن إسماعيل الجزائريّ المتوفّى سنة 1149 و هو صاحب كتاب آيات الاحكام، و عن لؤلؤة البحرين أنّه خرجت قطعة من أوله.
2- المولى الأسترآباديّ المذكور في شرّاح كتاب الاستبصار لكنه لم يتم كما في فوائده المدنية.
3- العلامة المجدد شيخنا المجلسي صاحب البحار أسماه (ملاذ الأخبار) توفى سنة 1110.
4- العلامة المولى محمّد تقيّ المجلسي أسماه «احياء الأحاديث» توفى في أصفهان سنة 1070.